في مثل هذا اليوم وفي ظهيرة 6 أكتوبر 1973 عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس في معركة تحرير الأرض واستعادة الكرامة والعزة والدفاع عن شرف الوطن بعد هزيمة ساحقة يوم 5 يونيو 67 . لم يكن مجرد عبور مانع مائي فقط تغنت به " إسرائيل" وتحدت في أن يعبره أي جيش مهما بلغت قوته فسوف يحترق في مياهه قبل الوصول الى الساتر الترابي الذي كان ارتفاعه 22 متر تقريبا وانحدار بزاوية 45 درجة على الجنب المواجه للقناة
كان العبور من يأس الى أمل ومن ظلام الى نور ومن ماض أليم الى مستقبل مشرق ومن هزيمة الى نصر ومن مرحلة تاريخية قاسية في تاريخ مصر والأمة الى مرحلة جديدة تستعيد فيها مصر قوتها ويصبح لها سيف ودرع في مواجهه كافة التحديات الأمنية والعسكرية والاقتصادية
الذين توهموا أن مصر ماتت لم يسترقوا السمع ولو قليلا الى زمجرتها رغم الجرح والألم والى روحها التي لا تنام ولا تنكسر والى عزيمة شعبها الذي أقسم على النصر . لم يستمع الواهمون وأصحاب أوهام الأسطورة التي لا تهزم الى هدير الغضب بين السكون والصمت والى الزئير بين ثنايا الأرض السليبة. فجاءت الهبة والوثبة الكبرى وانهارت القلاع والحصون في خط بارليف الذي تكلف 500 مليون دولار على طول القناة في الضفة الشرقية.
أثبت المصريون انه لا مستحيل مهما بلغت التحديات والصعوبات طالما توافرت الإرادة وأصبح الجميع على قلب رجل واحد. تركوا العدو يقول ويقول وينسج القصص الخيالية حول قوته وقوة عتاده وعدته وأن من يفكر في الاقتراب سينال الهزيمة الساحقة الثانية وبلغ الغرور حده بموشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقت الحرب الى القول بأن الحرب القادمة ستكون في القاهرة...لكن هذا الصلف والغرور من قادة إسرائيل تحطم تحت كعوب بيادات وبنادق الجندي المصري البطل
كان العبور مذهلا ومدهشا ....ووقف العالم في ذهول وانبهار بما حققه المصريون شعبا وجيشا...نعم فقد عزف الجميع الملحمة البطولية وحضر الجميع ولم يتخلف أحد فتحقق النصر المبين.
هذا هو الدرس الأن ونحن نحتفل بالذكرى 49 لحرب أكتوبر المجيدة... فالحرب العسكرية كانت أهدافها محددة وعدوها معروف ونتيجتها – مهما طال الوقت- هو النصر. لم يكن العبور العسكري هو الغاية ولكنه كان رمزا لمصر آخرى ناهضة قادمة لمعارك آخرى لا تقل شراسة وقوة عن المعركة الحربية.
وكما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أمس الأول ان يوم 6 أكتوبر هو يوم إثبات مقدرة الإنسان المصري وتفوقه في أصعب اللحظات، التي قد تمر على أي أمة.
لقد انتصرنا في الحرب والآن ونحن نحتفل بالذكرى المجيدة علينا أن نستحضر روح أكتوبر من أجل تغيير الواقع من المرض والجهل والفقر الى واقع ومستقبل أفضل للشعب المصري بالرؤية المتكاملة بعيدة المدى والتخطيط العلمي، وتوفير آليات وعوامل النجاح ثـم العمـل الدؤوب بعزيمـة وإرادة صـلبة من أجل تحويل الرؤية والأمل إلى واقع جديد يسود ويطغى على عثرات الماضي- كما قال الرئيس في كلمته-
العبور الذي نحن فيه الآن هو عبور الى آفاق التنمية والنمو في معركة غاية في الشراسة ومع تحديات ضخمة وظروف ومعطيات تستوجب الاصطفاف الوطني مثلما كنا في أكتوبر. معركة البناء من أجل الجمهورية الجديدة هي معركة عبور آخرى الى الدولة القوية القادرة الحديثة. دولة البناء والتنمية والتغيير الحقيقي.
ومثلما حقق المصريون المعجزة وقهروا المستحيل في معركة التحرير والعزة والكرامة في 73 فسوف يحققون بالإرادة وبالعزيمة والاصطفاف معجزة العبور الى جمهورية الأمل والمستقبل ولنا في التاريخ عبرة ودرس. فنضالات الأمم وكفاحها من أجل حياة كريمة هي سلسلة متصلة لا تنقطع من أجل حياة حرة كريمة عزيزة. فاذا الشعب يوما أراد الحياة...لا بد أن يستجيب القدر