في فبراير الماضي نُشر ڤيديو لعروس في كامل زينتها تزف إلى عريسها ويخرجان من مركز التجميل ، ثم يوسعها ضربا مبرحا أمام كل من في الشارع وتصوره الكاميرات ، ويعترف انها ضايقته وأثارت غضبه فلم يشعر بنفسه إلا وهو يضربها ، ثم تابعته بعض وسائل الإعلام فصورتهما في بيتهما وهو بيت العائلة والسعادة ترفرف عليهما بين تهليل الأسرة ورسائل الطمأنه التي طلبها الصحفي ليرد على كل ما أثير !
حكى الزوجان وهما أبناء عم قصة الحب التي تجمعهما منذ سنوات ، وأقرت العروس بنسيانها لما حدث ، بعد أن شاركته الرقص والسعادة أثناء حفل زفافهما الذي أقيم كأن شيئا لم يكن !
ثم عاد العروسان للأضواء مرة أخرى منذ أيام قليلة ، بعد ما تعرضت له الزوجة من ضرب متواصل وإهانات من الزوج وشقيقه ومنعها من زيارة أهلها وحبسها في المنزل وهددها بإلقاء ماء النار عليها وقتل والدها ، واستطاعت بعد معاناة الالتجاء لمنزل والدها ، وتحرير محضر للزوج الذي اتهمها بسرقة مشغولات ذهبية ، وفطن وكيل النيابة لمكيدته وحفظ التحقيق.
هذه القصة دارت أحداثها في إحدى قرى محافظة الإسماعيلية ، وتتكرر في قرى ومدن كثيرة في مصر والدول الشرقية عامةً ، وربما تقع في أماكن أخرى من العالم المتمدن ، لكن الفرق هناك ، هو أن القانون يقتص من المجرم ويحاصره ويجعله موصوما مدى حياته ، أما في الشرق فلا غضاضة في ضرب وإهانة النساء ، ولدينا فيما يحدث في إيران وأفغانستان دليل قاطع .
ما حدث في الإسماعيلية نموذج واضح وصريح لما تتعرض له الكثير من السيدات ، ليس على يد الزوج فقط ولكن على يد الأب أو الأخ أو والد الزوج أو حتى شقيقه ، وهذا يعني أن هناك نفوسًا كثيرة مهانة ومعذبة ومحطمة على يد رجال لا يملكون من الرجولة سوى الاسم ، ويعني أيضا أن خلالًا كبيرًا في المجتمع يجب أن نبحث فيه ونضع حدا له .
تتعرض الكثير من النساء في العالم للعنف ، ولكن أقصى أنواع هذا العنف هو عنف الزوج لزوجته ، فمن المفترض انه رفيق الحياة وأن بينهما مودة ورحمة ، وأن يكون أمينا عليها وعلى كرامتها ، أما وأن يكون هو الجاني والمجرم وهي الضحية فهذا ما لا يقبله دين ولا شرع ولا قانون ، ولا يمت للإنسانية بصلة .
القضية هنا أن تلك الخصال الرديئة التي يحملها هذا الزوج وغيره من الرجال ممن تربوا على أن الرجولة في تأديب الزوجة وضربها – هي الخلط الواضح بين تقاليد بالية تربت عليها أجيال من الذكور والإناث تعتبر أن هذا أمرا عاديا ، وانه حق طبيعي للرجل عليه أن يمارسه وعلى الزوجه حق الطاعة ، ثم يزداد الخلط حين يستند هؤلاء ومن قاموا بتربيتهم على اجتزاء آيات قرآنية وتحريفها حسب هواهم وإخراجها من سياقها ، وكلها أمور سيحاسبهم عليها الله يوم يقفون بين يديه حسابا عسيرا .
ما حدث لعروس الإسماعيلية وغيرها من النساء البائسات يمكن أن يحدث لأبنة أو شقيقة أي أحد ، وسيظل يحدث ويتكرر حتى نقوم بعملية تطهير وتنظيف لعقول كثيرة لا تعرف الرحمة والإنسانية والأخلاق ، أو على كل أب يزف ابنته أن يستودعها الله ويتركها لمصيرها .