تصر الدول العربية على وضع نفسها فى الخانة الصعبة من الأشياء، وأن تبحث عن إجابة منطقية للسؤال المستحيل وأن تعيش لدرجة التشبع حالة الانكسار، لكن الأغرب أنها بعد أن تضع نفسها فى هذه الدائرة الكئيبة تظل ترجو وتتمنى وتحلم بتحقيق الحلم، وهو بالطبع لن يتحقق أبدا بسبب تفكيرنا القاصر، وفى الفترة الأخيرة نعيش تجربة تمثل كل ذلك الذى نخشاه كل يوم، فعلى الرغم من أنه درس قديم لكننا لم نتعلمه بعد، لذا نقول بشكل صريح وواضح إن قضية حصول العرب على رئاسة منظمة اليونسكو فى الدورة المقبلة خاسرة تماما.
للأسف نقول ذلك ولا نتمناه، لكن البشائر واضحة فالعرب لم ينسقوا بينهم للدفع بمرشح واحد لخوض انتخابات المؤسسة العالمية، فقد أعلنت اليمن من قبل ترشيحها لـ«أحمد الصياد» منذ عدة شهور، وقامت قطر بترشيح الدبلوماسى «حمد بن عبد العزيز الكوارى» والذى تعمل حكومته على الحصول على التأييد الخليجى، بينما مرشح اليمن هو كذلك من الإقليم الخليجى، أما مصر فقررت ترشيح مشيرة خطاب التى بدأت جولة غير رسمية، كما ترددت أخبار أن لبنان سترشح وزير الثقافة اللبنانى السابق غسان سلامة.
كما قلنا الدرس قديم ففى عام 1999 رشح اليمن سفيره أحمد الصياد لمنصب المدير العام للمنظمة، ولكن سحب اليمن مرشحه فيما بعد لصالح مرشح المملكة العربية السعودية «غازى القصيبى» والذى لم يحالفه الحظ بسبب وجود المرشح المصرى «إسماعيل سراج الدين» والذى لم ترشحه مصر ولكن دولة أفريقية وهى «بوركينا فاسو» حسب مصادر اليونسكو، وفى الأخير فاز اليابانى «كواتشيرو متسورا» بالمنصب، وفى عام 2009 تكرر نفس السيناريو، حيث قدمت مصر فاروق حسنى للانتخابات والتزمت الدول العربية بدعمه بما فيهم اليمن، ولكن ترشيح الجزائرى محمد بجاوى من قبل دولة كمبوديا أضعف موقف «حسنى»، الذى لم يفز بفارق ثلاثة أصوات فقط لصالح البلغارية «ايرينا بوكوفا» التى تنتهى ولايتها عام 2017.
لذا وبسبب التغيرات الكبرى التى أصابت العالم فى الفترة الأخيرة فقد أصبح واجبا علينا بدلا من هذا التشتت الذى نعيشه أن نتفق ونعرف أن فوز شخصية عربية بمنصب مدير عام اليونسكو سوف يحقق توازنا للمنطقة العربية جميعها، كونه يعرف الحلول المناسبة للمشاكل التى تعانى منها المنطقة على عكس الشخصية الأجنبية، التى تبحث عن التوازنات الدولية والتى غالبا ما تأتى على حساب المنطقة العربية.