في إطار كتابة سلسلة مقالات تحت عنوان "ماذا لو ؟" تعتمد اعتمادا رئيسيا على صحافة الحلول، من خلال تسليط الضوء على مشكلة أو أزمة مرتقبة لكشف أبعادها وتقديم حلول أو مقترحات أو على الأقل رصدها دون تضخيم أو تقليل ووضعها أمام متخذى القرار، وفى مقالنا اليوم نتحدث عن رسالة في غاية الأهمية موجهة لمناطق الصراع في دولنا العربية، متى سنفلت من أنياب مفترسى الأوطان والأعراض ونفهم الدرس.
نعم علينا أن نفهم هذه الرسالة في ظل تفاقم الصراعات في عدد من دول المنطقة، فهل ينكر أحد أن القوى الفاعلة في مناطق الصراع سياستها الخارجية تتبنى إطالة أمد الصراع في هذه المناطق من أجل تحقيق مكاسب خاصة، وذلك من خلال إرساء حالة الفوضى وتعزيز الانقسام بين الأطراف الداخلية، فما نراه في اليمن وليبيا وسوريا والعراق خير شاهد ودليل، وما نراه من ازدواجية المعايير من قبل المجتمع الدولى في التعاطى مع قضايا المنطقة خاصة قضية الصراع اللفلسطينى الإسرائيلي، فها هو يقف بكل قوة لإنقاذ أوكرانيا، بينما يكيل بمكيالين في التعامل مع حقوق الشعب اللفسطينى الذي يعانى منذ أكثر من 70 عاما، حيث لم يستطع المجتمع الدولى تنفيذ قرار أممى واحد لصالح الفلسطنيين.
فلماذا لم نفهم خطورة مخطط هؤلاء المجرمين الذى يستهدف تقسيم المنطقة بأسرها إلى دويلات صغيرة؟.. ولماذا لم نفهم أن سلاح هؤلاء دائما تعزيز الاختلافات العرقية والطائفية والدينية؟
ولماذا لم ننتبه إلى أن هذه سيناريو الفوضى الخلاّقة يتفق مع ما تحلم به إيران من توسع وبسط نفوذ، ويحقق ما تريده أمريكا من سيطرة ونفوذ وطاقة وأمن لإسرائيل، فنراها دائما تسعى إلى إطالة أمد الصراع بل نجدها تدعم الأنظمة الموجودة وتدعم المعارضة فى آن واحد؟
ولماذا لم نعى أن هناك سلاحا يستخدم الآن لا يقل خطورة عن السلاح النووي لطمس الهوية وقتل منظومة القيم وتقليب الشعوب على الأنظمة المستقرة من خلال تعكير الرأي العام ببث الشائعات والتضليل وتقوية الأقليات بداعى الديمقراطية، مستخدمين في هذه الحرب كافة الوسائل خاصة وسائل الحداثة من مواقع التواصل الاجتماعى والمنصات الرقمية بهدف زعزعة الاستقرار وخلق الفوضى؟
العجيب أن مخططات التقسيم التي تلوح في الأفق الآن ليست بجديدة على العرب، فقد وقع العرب فيها ولم يتعلموا الدرس للأسف، فنسيوا ما فعله الإنجليز والفرنسيين عام 1916، واتفاقية "سايكس بيكو" التى قسّمت العرب إلى دول ذات حدود جغرافية تعمل على نشوب صراعات دموية باسم الحفاظ على النقاء القومى والنقاء الثقافي، وتم ترسيم الحدود بأسلوب يفتح المجال للنزاع إلى حد يصل إلى القتال فيما بينهم، ويتم تفجير تلك النزاعات وقت اللزوم.
وأخيرا.. نقول، إن التاريخ يُعيد نفسه من جديد بما يتناسب مع متطلبات العصر من متغيرات ومستجدات، لذا يجب الفهم والانتباه إلى كل هذه الأطماع، وعلينا بإنهاء الصراعات فيما بيننا والعمل على الحوار السياسى لحل المشكلات الداخلية للإفلات من أنياب المفترسين سالبى الأوطان والأعراض..