القارئ يجب أن يعرف جيداً أن مشكلات أصحاب مزارع الدواجن قديمة وتحدث باستمرار، وليست وليدة اليوم أو الأمس، سواء كان لها علاقة باستيراد الأعلاف أو التحديات التقليدية المرتبطة بهذه الصناعة، إلا أن أسلوب التفاعل ومظاهر الضغط التي بدأ أصحاب مزارع الدواجن استخدامها تحتاج إلى وقفة ودراسة وإجراءات رادعة، لضمان عدم تكرارها مرة أخرى، بعد بث عشرات الفيديوهات على "فيس بوك" لمشاهد إعدام "كتاكيت" حية صغيرة على الهواء مباشرة، من خلال وضعها في أكياس وأجولة وتركها تختنق.
إعدام صغار الدواجن بحجة عدم وجود أعلاف جريمة متعددة الأبعاد، فالفعل غير إنساني، والهدف منه الضغط والابتزاز وإحراج الدولة في الداخل والخارج، وتصدير صورة سلبية توحي بأن هناك احتياج شديد وفقر داخل الأسواق المصرية، على خلاف الحقيقة، فلا توجد سلعة واحدة نقصت من الأسواق على مدار عام كامل، في حين يعاني العالم كله من أزمات اقتصادية طاحنة، خاصة على مستوى السلع الأساسية الغذائية.
بسؤال أحد المختصين أخبرني أن هناك عمليات إعدام لبعض الدواجن تتم بين الحين والآخر لأغراض فنية، مثل إعدام جزء كبير من ذكور الدجاج الصغير، نظراً لأنها تحتاج وقت طويل حتى تصل لمرحلة البيع، كما أن وزنها في الغالب أصغر من الإناث، لذلك يتم التخلص منها، لعدم اتساقها مع دورة الإنتاج، وأوضح أن الدواجن التي ظهرت في الفيديوهات لا يوجد عليها مظاهر تعب أو ضعف أو تعاني من نقص الطعام، وفى الأغلب هي ذكور يتم التخلص منها للأسباب المذكورة.
توفير الاعتمادات الدولارية لاستيراد الأعلاف الخاصة بالدواجن أمر مهم وضروري، ولا يقل عن توفير شحنات القمح والدقيق، لكن غير مقبول أن يتم المتاجرة بقضية مزارع الدواجن ونقص الأعلاف بالصورة التي ظهرت عليها، كأن يتم إعدامها على الهواء، بحجة نقص الأعلاف، فما دامت عمليات الإعدام تتم يومياً، فلماذا يتم تصديرها في وسائل الإعلام بهذا الشكل، والمتاجرة بها وكأن الدولة تعاني أزمات غير مسبوقة، وأن الأوضاع خارج السيطرة وكأن المجاعة ستحل على الناس قريباً!
ابنتزاز الدولة غير مقبول، ومحاولات الضغط الفئوي لتحقيق مكاسب أو مصالح غير مقبول، والمتاجرة بالأوضاع الاقتصادية غير مقبول، خاصة أن العالم يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأهم الدول المتقدمة تعيش حالة تقشف وتقلل نفقاتها وتنكمش معدلات نموها، وتعاني إجراءات صارمة لم تشهدها من قبل، لذلك يجب أن يتحمل الجميع مسئولياته، وأن تكون المطالبات في إطار القانون، وألا نسمح لأحد تشويه صورة الدولة في الداخل والخارج، واستغلال بعض الفيديوهات والصور في تصدير رسالة سلبية، تدمر ما يتم من جهود على الأرض، وتعصف بكل ما قدمته الدولة من جهود في المجالات المختلفة.
لو تعاملنا بمنطق "اللايف" مع مشكلاتنا، فهذا أقصر طريق لتضخيم المشكلات وتعقيدها، وأسرع وسيلة لتشويه الاقتصاد المصري، وتدمير مناخ التنمية وإلحاق الضرر بالأسواق، وضرب مصالح المنتج والمستهلك، لذلك يجب التعامل مع المشكلات بصورة أكثر فاعلية، والوصول إلى حلول قابلة للتطبيق، دون الضغط على الدولة، أو ابتزازها فالوضع لا يسمح والأمور يجب أن تعالج في إطار من الحكمة.