أصبحت أباً لأول مرة عند دخول ابنتي روڤان المدرسة، لتصبح في kg1, لا شك أنه أمر شعرت فيه باختلاط مشاعري منها مليء بالسعادة، والحماس، والرغبة لتقديم الأفضل لها في حياتها، أحاول جاهدًا أن اجعلها سعيدة طوال الوقت، أصبحت أستيقظ مبكرًا لآول مرة في حياتي، فعند سماع صوتها وهي تستيقظ، أشعر بها فورًا أثناء نومي ولا أعلم كيف حدث ذلك، لإن بطبيعتي أرفض الاستيقاظ مبكراً، ولكن أختلف الأمر بسبب سعادتي وخوفي في آن واحد عليها، في السابعة صباحًا استعد معها حتي اصطحبها معي وهي تقول "يلا يابابا مش عاوزين نتأخر".
أذهب بها إلى المدرسة، لتسلمها للفصل الخاص بها، حتى أطمئن أنها تشعر بالأمان فأذهب للمنزل مرة أخرى، من المفروض أن استكمل نومي بعد عودتي، ولكني لن أستطيع ذلك، فأظل مستيقظًا حتي موعد خروجها من المدرسة، لأنطلق قبل موعدها الساعة الواحدة ظهرًا، وأقف على بوابة الخروج حتى يبدأ موعد تسلمها رسميًا، وحين وصولي الفصل الخاص بها؛ أقوم بسؤال مشرفة فصلها قائلًا (طمني حضرتك روڤان عاملة إيه؟ فترد وهي تبتسم؛ يا أستاذ أحمد بنتك بقالها يومين في المدرسة لسه بنقول ياهادي- فأرد عليها "تمام يافندم شكراً بطمن بس"، وأنا في غاية السعادة والقلق في نفس الوقت.
روڤان هي ابنتي الأولى وأول فرحتي، التي حين وصولها بين أحضاني شعرت بمسئولية ضخمة لانها فقط بنت، من الممكن أن يكون هذا الشعور بسبب نشأتي التي فيها تكون البنت عبارة عن طفل مدلل في المنزل، فشعور خوفي عليها مثلما كنت أشعر بالخوف على أخواتي البنات قبل زواجهن وحتي بعد زواجهن، أشعر بالمسئولية والخوف دائما عليهن، وبعد غيابي عنهن أصبحت مشغول بابنتي روڤان نفس القلق نفس الخوف نفس كل شيء.
مرحلة قبولها في المدرسة لم تكن سهلة بالنسبة لي، لقد عانيت كثيرا بسبب توتر من الآخرين؛ أسئلة متتالية: "عملت إيه في مدرسة بنتك- قررت تدخلها إيه"، أسئلة تخرج من أفواه الآخرين بكل سهولة ولكن عقلي يجاهد في التفكير، تحدي ورغبة في الانتصار فيه، شعرت أني قادر على إسعادها مهما كانت ظروفي واحوالي، فهي كانت بالنسبة لي من يوم مولدها "وش الخير" ظهرت في وقت رائع فور زواجي بتسعة أشهر، وأنا غير مستعد لها نهائيًا، ولكن شعرت بها في تلك اللحظة التي ولدت فيها، وشعرت أيضا أني قادر بإذن الله علي الحفاظ عليها وإسعادها، شعرت أنها أتت لتشاركني حياتي.
بعد قبولها رسميًا في المدرسة عن طريق رسالة من مديرة المدرسة ومسئولة رياض الاطفال قائلين فيها "منتظرينك يا أستاذ أحمد الساعة الواحدة ظهرًا لتقديم أوراق قبول روڤان في المدرسة، تركت عملي بدون تفكير وذهبت استكمل أوراقها لأذهب مسرعاً للمدرسة وأوراقها مكتملة في ساعة واحدة، حتي أستكمل ملفها، وبعدها ذهبت إليها طائراً أبحث عنها في المنزل، حتي قالت لي زوجتي ؛ "في إيه روڤان نايمة"، قررت أن أصمت ولا أتحدث إلا لحظة استيقاظها، حتى استيقظت روڤي وبلغتها بقبولها في المدرسة، فقالت لي: "بحبك يابابا يعني هنجيب الشنطة"، ضحكت لها قائلًا "بكرة نجيبها".
في اليوم التالي استيقظت مبكرًا، للذهاب برفقتها وهي وزوجتي لإحضار ما تحتاجه للمدرسة، استعنت بالأصدقاء أصحاب الخبرة لمعرفة تفاصيل التحضير لذلك، وذهب أولًا لمرحلة الزي الخاص بها، وبعدها أحضرت لها الشنطة التي اختارتها حسب رغبتها، ومنها لمرحلة الأقلام الرصاص والالوان والكراسات والكتب والمقلمة والسبلايز وباقي ما تحتاجه، سعادة كبيرة تظهر علي وجها وهي تعلم إنها ستدخل علي مرحلة جديدة في حياتها، وأنا بداخلي سعادة أكبر منها بكثير، سعيد بنفسي لاني رأيت السعادة علي وجهها وأنا السبب فيها، فعلت كل شيء وسأفعل كل شيء لأكون مناسبا كأب يليق بها في مستقبلها وحياتها القادمة.