أخلاقنا الجميلة.. عودة ثقافة الاعتذار

جربت أن تقول "أنا آسف" بعد أى خطأ ـ مقصود أو غير مقصود ـ ارتكبته فى حق الآخرين، حدثنى عن السعادة والارتياح الداخلي الذى شعرت به بعد "الاعتذار" للآخرين، وحدثنى ـ أيضًا ـ عن البسمة التى ارتسمت على وجه الطرف الآخر. "أنا آسف"، هل خصمت شيئًا من شخصيتك!! هل تجعلك تفقد أى شيء من كبرياء "سعادتك"!! بالتأكيد "لا"، وإنما تضيف إلى قوتك قوة، وإلى شخصيتك جمالًا وحُبًا. إذا، لماذا غابت "ثقافة الاعتذار" عن مجتمعنا؟، ولماذا تسود أحيانًا ثقافة "الكبر والغرور"؟، فيعتقد البعض بالخطأ أن "الاعتذار" ضعف ووهن، ونقطة ضعف لا يجب إظهارها، كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم، في حين أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه فضيلة أخرى، والاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ وإنما ثقافة يجب ترسيخها عند الجميع. كثيرا من الحوادث والفواجع، كان فى الإمكان عدم وقوعها، لو بادرنا بالاعتذار، لكن المكابرة والعند، ضخم الأمور، لتنتهي بالدم أو السجن أحيانا. ما أقوله لك هنا ليس دربا من الخيال، وإنما حقائق على أرض الواقع رصدتها بنفسي، وأنا أتجول "خلف الأسوار"، في زيارات عديدة لمراكز الإصلاح والتأهيل ـ قبل عدة سنوات من الآن ـ تحدثت مع هؤلاء الأشخاص الذين يقضون فترة عقوبتهم، حيث الندم قاسما مشتركا بين الجميع، ولو عاد بهم الزمان مرة أخرى لفعلوا غير ما فعلوا. تحدث البعض معي عن خلافات واهية، وأمورا وصفوها بـ"التافهة"، كانت من الممكن أن تنتهي بكلمة "آسف"، لكن العند والمكابرة، فاقم من الأمور، حتى وقع القتلى وجاء البعض لخلف الأسوار، أحدثك هنا عن خلافات عادية متكررة تحدث في كل مكان بين الجيران، عن لعب الأطفال، كان من الممكن انتهائها بكلمة "آسف"، لكنها تحولت لمشاجرات ومصابين وسجناء، أحدثك عن متهم "بالصدفة"، نعم بـ"الصدفة"، وجد نفسه في الشارع في صدام مع شخص آخر بسبب أولوية المرور، كان من الممكن أن يعتذر المخطئ وينتهي الأمر بـ"آسف"، لكن الشيطان تدخل، ليتحول الأمر لمشاجرة زجت بأحدهما خلف الأسوار. وأحدثك أيضا عن خلافات زوجية عادية وبسيطة، كان من الممكن أن تنتهي باعتذار، لكن تفاقمت ووصلت لأروقة محاكم الأسرة، فالأمثلة كثيرة لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل من كثرتها. إذا، لماذا لا نعتذر؟ ولماذا لا نعترف بالخطأ؟، لماذا نكابر؟، وفي الإمكان أن ينتهي الأمر بكلمة واحدة "آسف"، بدلا من عشرات الجمل نقولها تبريرا لمواقفنا الخاطئة، فاجعلوا الاعتذار ثقافة ونهج حياة وفضيلة وبداية جديدة للتسامح وخلق أجواء من المحبة بين الناس، فأفشوا "الاعتذار" بينكم، للتغلب على مصاعب الحياة، واحترامًا لمشاعر الاخرين، لتجدوا من يخفف عنكم صدمات الحياة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;