لو كنت من أولئك الذين يشترون حاجة المنزل من السوبر ماركت بصورة دورية، ستجد أن هناك بعض الأنواع الشهيرة الفاخرة من الأرز المعبأ قد اختفت بصورة كاملة من الأسواق، خاصة بعد قرار مجلس الوزراء، الصادر في 6 سبتمبر الماضي، ويخص تحديد سعر شراء الأرز بحد أقصى 15 جنيها للمعبأ، و12 جنيهاً للسائب، مع التزام المتاجر والمحال ومنافذ البيع المختلفة بالإعلان عن السعر في أماكن ظاهرة لروادها من المشترين.
قرار تحديد أسعار الأرز جاء بهدف ضبط الأسواق والحفاظ على استقرار أسعار هذه السلعة الاستراتيجية كثيفة الاستخدام، كأحد الموارد الغذائية الهامة، التي تكافئ رغيف العيش، خاصة في محافظات الوجه البحري، وقد استكملت الحكومة قرار تحديد السعر بآخر جديد يمنع تصدير الأرز الأبيض خارج البلاد، وتوفيره في السوق المحلية، ضمن خطة التحوط الحكومي، المتبعة من أجل ضبط الأسعار، والحفاظ على مخزون آمن من السلع الاستراتيجية، بالتزامن مع الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمات سلاسل الإمداد العالمية، خاصة ما يتعلق بالحبوب والسلع الغذائية.
قرار الحكومة، ممثلة في وزارة التموين، هام وجاء في توقيت مناسب، من أجل مصلحة المواطن، لكن مافيا أصحاب المصالح، تستهدف إفشال هذا القرار، وتحاول إخفاء أنواع الأرز الجيدة من الأسواق، والامتناع عن البيع أو التوريد لسلاسل المتاجر الرئيسية، والسوبر ماركت الصغيرة، بهدف تعطيش السوق وتقليل الكميات المتاحة، الأمر الذى أدى إلى اختفاء أنواع معينة بالكامل من السوق، خاصة تلك الجيدة، التي تقل نسبة الكسر فيها عن 3% وتعرف على أنها أرز من الرتبة الأولى، بينما كل الأنواع الموجودة في السوق خلال الوقت الراهن أقل جودة، لكنها تلتزم بالسعر الرسمي المعلن من الحكومة.
يجب أن تتم محاسبة الشركات الممتنعة عن توريد الأرز لسلاسل المتاجر بطريقتين، الأولى تعتمد على الإجراءات والضوابط القانونية، فما يحدث من جانب هذه الشركات يحتاج إلى توصيف قانونى على نحو يتفق مع جريمة الاحتكار، لذلك يجب أن تتم ملاحقتها من قبل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، باعتبار ما تقوم به جريمة هدفها الأساسي تعطيش الأسواق، وإحداث خلل بها، لتحقيق مكاسب كبيرة على حساب المواطن، أما الطريقة الثانية تعتمد على المستهلك نفسه، الذى يجب أن يقاطع هذه السلع بصورة كاملة، بعدما تم رفع سعرها بصورة غير مبررة من جانب بعض الشركات، ويجب أن يضع في اعتباره أن السلع التي تخص هذه الشركة أو تلك التي حاولت تعطيش السوق مخزنة ومكدسة، وإذا تم طرحها في الأسواق مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، قد تكون معايير السلامة والجودة الخاصة بها أقل مما سبق، نتيجة توقف دورة البيع، لذلك على المستهلك أن يقاطعها ويمتنع عن شرائها.
قرار مجلس الوزراء الخاص بسعر الأرز الأبيض في الأسواق، حدد غرامة من 100 ألف جنيه إلى 5 ملايين للمخالفين، لكنه لم يحدد الجهة التي يلجأ لها المستهلك للإبلاغ عن متجر أو سلسلة تجارية تبيع بأسعار تخالف ما جاء به القرار، هل يتصل بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية باعتباره الجهة المعنية بهذه القضية، واعتمد القرار على نصوصه بشكل صريح، أم يتصل بجهاز حماية المستهلك باعتباره أحد أذرع وزارة التموين في إحكام السيطرة والرقابة على الأسواق، ويكفل حق المستهلك في أسعار معلنة وعادلة للسلع، أم يتصل بشكل مباشر بوزارة التموين، لذلك يجب أن يتم الإعلان عن آلية تقديم الشكوى، وتوفير خطوط ساخنة، يلجأ لها المواطن، حتى لا يكون القرار مجرد حبر على ورق، وتتم محاسبة كل من يتهاون في التطبيق.