لا يمكن لأحد أن ينكر دور بهاء طاهر في تنمية العقل المصري وغرس ورود الثقافة اليانعة في نفوس المثقفين، محبي الأدب، والمهتمين بالرواية وتشجيع الموهوبين منهم، مات بهاء طاهر بعد أن بعثر ورود عمره منذ بزوغها حتى ذبولها على الساحة الثقافية في مصر، خلق جمهورا ذا قاعدة عريضة بداية من حضوره الإذاعي أو أمام الشاشة من خلال أعماله الروائية التي تحولت لمسلسلات درامية، ومنها تردد اسم بهاء طاهر على ألسنة العامة في عام ١٩٩٤ بعد عام عصيب من الزلزال الذي عكر المزاج العام في مصر، فنجد العامل البسيط الذي سرعان ما اتجه إلى محطته اليومية الأخيرة أمام شاشة صغيرة يتناول عشائه بصحبة أولاده ويحتسى كوب الشاي وهو يشاهد مسلسل خالتي صفية والدير، فالطفل الصغير الذي كان يجلس بصحبة والديه الأن بلغ أشده وهو على مشارف الأربعين محتفظا باللمة والمشهد والمسلسل محفور على جبينه اسم بهاء طاهر الذي كان يردده والده، وفي عام ١٩٩٦ تحول عمل "بيت الجمالية" إلى مسرحية بديعة فيها تشابكت أيدي المحبين أمام خشبة المسرح، بعدها رسخ اسم بهاء طاهر في وجدان العامة كأحد صناع البهجة باقتدار في تشكيل ثقافة جيل، بعدها عكف بهاء طاهر على كتابة رواياته.
وحاز على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام ١٩٩٨ وبعدها الجائزة الإيطالية "جوزيبي أكيربي" عام ٢٠٠٠ عن روايته البديعة ذات الصيت الوفير بعد تأثيرها فى نفوس المشاهد "خالتي صفية والدير"، وفي عام ٢٠٠٨ حصل على جائزة ألزياتور عن رواية الحب في المنفى، وفى عام ٢٠٠٨ فازت روايته واحة الغروب بجائزة البوكر العربية في أول دوراتها، ورد بهاء طاهر جائزة مبارك للآداب التي حصل عليها عام 2009 وحينما سؤل عن السبب أجاب : لا أستطيع أن أحملها وقد أراق نظام مبارك دم المصريين الشرفاء، فيما تنازل بهاء طاهر عن أرض قد ورثها من عائلته لتشييد قصر ثقافة في محافظة الأقصر يحمل اسمه، وفى عام ٢٠١٧ استطاعت المخرجة كاملة أبو ذكرى أن تغرس الوعي في نفوس المشاهد بتحويل رواية واحة الغروب إلى عمل درامي بطولة النجم خالد النبوي ومنة شلبي وسيد رجب، وفيها ازدهر اسم بهاء طاهر لجيل جديد يستخدم السوشيال ميديا وقنوات اليوتيوب، ومن هنا احتل بهاء طاهر وجدان أجيال متعاقبة سكن نفوسها وزرع فيها ورود المحبة والثقافة.
توفى البهاء الطاهر في ٢٧ من أكتوبر فانتشر الخير على صفحات التواصل الاجتماعي بسرعة البرق فالقاعدة التى شكلها بهاء طاهر من جمهور جعلت صفحات رواد السوشيال ميديا ما هى إلا دفاتر عزاء لعمود خيمة الرواية المصرية، حتى فاجأتنا الكاتبة الكبيرة صافى ناز كاظم بتدوينة أصابت الوسط الثقافى بخيبة أمل في الثقافة والمثقفين إذ قالت بالنص : "مات بهاء طاهر كان من كوابيس جيلي الثقافية لو جاملناه نقول روائي متوسط الموهبة إستحل لنفسه جوائز كثيرة مغتصبة ممن كانو ا أحق" بعدها انقسم الوسط معارضين ومؤيدين وتحولت الساحة الثقافية لحلبة من اللعن والسب بعدما قذفت صافى ناز كاظم كرة اللهب في الملعب، نعم صافي ناز مثقفة ناقدة كاتبة لها قلم خاص محير مشوق ممتع لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك ولكنها لم تزرع الورود في نفوس القراء كما فعل بهاء طاهر ولا تجيد لغة الحوار والنقد حول شخصية حفرت اسمها بالحب والترحاب في عقول أجيال، فالمجد لايبنى على حرائق المدائن.