الوزارة هى التى كشفت عن الفساد
الرأى العام منشغل بقضية فساد القمح الكبرى ولن يتوقف عن السؤال الكبير.. ومن المسؤول عن هذه والفضيحة؟ هل هو وزير التموين الدكتور خالد حنفى.. وهل من المنطقى أن نحمل الوزير المسؤولية؟
من الظلم أن نحمل الدكتور خالد حنفى وحده أو نحمل وزارة التموين مسؤولية «فساد القمح»، فالقضية معقدة ومزمنة ولم تظهر أو تأتى فجاة، فالفساد تغلغل فى منظومة توريد القمح منذ سنوات طويلة وأصبح مثل حالة المرور المعقدة فى مدينة القاهرة لا تعرف أولها من آخرها، فالفساد تراكم على مر السنوات وتعقدت علاقات الفاسدين وتشابكت مصالحهم حتى تحول الفساد إلى منظومة كاملة وأسلوب حياه.
لابد أن هناك مسؤولا لكن لا يمكن أن يكون «كبش فداء» لتهدئة الرأى العام دون القضاء على فساد المنظومة من جذورها. فجوهر القضية هى غياب آليات الرقابة الفاعلة ووضع قواعد وضوابط صارمة فى عمليات التوريد، وشجع غياب الرقابة وضبابية المسؤولية وتفرقها بين عدة وزارات إلى خلق بيئة مشجعة ومحفزة ودافعة للفساد الإجبارى وليس الاختيارى.
للإنصاف علينا أن نوضح أن وزارة التموين هى التى كشفت عن الفساد والمخالفات فى الصوامع والشون وإحالتها للنيابة العامة، وأن الإجراءات والضوابط التى تم وضعها فى استلام الأقماح المحلية دقيقة وتحدد مسؤولية المخالف.
بالأمس أرسل لى الدكتور خالد حنفى، وزير التموين، ردا مطولا على ما تتداوله وسائل الإعلام عن قضية «فساد القمح» أكد فيه عدة أمور: - أن قرارات وزارية مشتركة من وزارات الزراعة والمالية والتموين صدرت العام الحالى لتحديد المسؤولية بدقة، إضافة إلى قرارات وزارة التموين لمنع تداول القمح المستورد إلا بتصريح من الوزارة ويعرض المخالف للحبس وكذلك للقمح بين المحافظات، وأنه تم استلام الأقماح المحلية هذا الموسم من 517 صومعة وشونة من خلال لجان برئاسة وزارة الصناعة والتجارة وعضوية الزراعة والتموين والجهة المسوقة.
- الوزير يؤكد أنه لا تفريط فى جنيه واحد، فحق الدولة مضمون لعدة أسباب منها المحاسبة على التصفية الفعلية والتأمين ضد خيانة الأمانة، وهناك مستحقات متبقية للموردين حوالى أكثر من مليار ونصف المليار جنيه وهناك مسؤولية جنائية على المخالف، وبعض الموردين قاموا بسداد مبالغ لإثبات حسن النية حتى الانتهاء من التحقيق، وهو ما يعنى الضمان الكامل لحق الدولة.
- هناك من يريد إشعال الأمر لوجود مصالح متضاربة بين البعض ممن يتعامل فى هذا المجال، ومنهم من كان له طلبات غير مشروعة ورفضتها الوزارة، وهناك من يأمل فى عودة منظومة الخبز القديمة التى كانت بؤرة الفساد على حساب ما تم إنجازه فى ملف الخبز وتخفيض استهلاك القمح والدقيق وانخفاض المستورد وتوفير أكثر من 6 مليارات جنيه سنويا، مما كان يهدر ويذهب إلى جيوب أصحاب المصالح وإعادته للمواطن، ومنهم من يريد التشكيك فى قدرة الدولة على استلام 5 ملايين طن قمح محلى بزيادة عن السنوات الماضية.
- الوزارة هى التى بادرت بمحاربة الفساد فى منظومة الخبز والدقيق والقمح وقضت على الجزء الأكبر منه، ومازالت فى تلك الحرب وتتصدى لمافيا كبيرة لها أدواتها وأعوانها.
فى نهاية خطاب الدكتور خالد حنفى، أكد أن وزارة التموين تقدم كل الدعم للجنة تقصى الحقائق وتحترم عملها وتقدر دورها، بالإضافة إلى أن الوزارة ومباحث التموين والرقابة الإدارية يقومون حاليا بحملات مستمرة على الكثير من مواقع استلام الأقماح المحلية على مستوى الجمهورية واتخاذ كل الإجراءات القانونية لمعاقبة الفاسدين، وأن الوزارة هى التى تقدمت لمجلس الوزراء باقتراح بتغيير نظام استلام الأقماح المحلية، ووافقت عليه المجموعة الاقتصادية.
فى رأيى أن كلام الدكتور خالد حنفى كلام خطير ومهم جدا، فهو كشف للحقائق دون توريه وإشارة واضحة لمافيا الفساد ليس فى القمح فقط، لكن يبدو أن شبكة عنكبوتية متأصلة ومتغلغلة فى جسد المجتمع ضد مصالح الوطن والمواطن.