اعتدت السير دائما والتجول فى شوارع الدقى، لممارسة رياضة المشى، وفى نفس الوقت، أتابع كل ما هو جديد ومختلف فى المحلات التجارية الخاصة بالملابس والإكسسوارات وألعاب الأطفال وغيرها من المنتجات المختلفة، ولكن دائما ما تلفت نظرى محلات الزهور التى يتنافس بائعوها على تنسيق الزهور بطرق مختلفة وابتكار باقات جديدة، التى دائما ما تجذبنى وتجعلنى أتأملها بكل تفاصيلها واهتمام البائع بها وبرصها أمام المارة حتى تنال إعجابهم ليشتروها، خاصة فى الفترة التى لا يوجد فيها أى مناسبة من المناسبات التى يكثر عليها الطلب مثل عيد الحب المصرى أو العالمى.
أثناء تجولى بأحد شوارع الدقى، أجد رجلا عجوزا يجوب الشارع بدراجته القديمة، وملامحه ممتلئة بخيوط التجاعيد التى رسمها الزمن على وجهه طوال سنوات حياته الماضية، كان يرتدى ملابس بسيطة، عبارة عن قميص وبنطلون، وكان وجهه دائما بشوشا لا يعرف الحقد أو الحزن، ويحمل بدراجته بعض الزهور الملونة المختلفة، التى اعتاد على توزيعها على المارة من كبار وصغار وأطفال ونساء ورجال، يقدمها لهم وهو مبتسم وكأنه يقول لهم بطريقته الودودة البسيطة «ابتسموا وتفاءلوا طوال الوقت وانشروا الحب بينكم بباقة زهور»، وبينما هو يوزع زهوره الملونة والمبهجة، كنت أراقبه فى صمت وأتأمله، فكانت متابعتى له تجعلنى أشعر بالبهجة والتفاؤل ببداية اليوم، ولخجلى كنت عندما أكف عن مراقبته، أسير فى شارع آخر غير الذى يجوب فيه حتى لا أشعر بالحرج وهو يعطنى زهرة من زهوره.
والحقيقة أن إهداء الزهور بمختلف ألوانها وأنواعها يساعد على الشعور بالبهجة والسعادة، كما تساعد على تقوية العلاقات بين الأشخاص، سواء فى محيط العمل أو السكن أو حتى بين الأقارب والأصدقاء، كما أكدت العديد من الدراسات العلمية التى تحدثت عن تأثير الزهور على البشر، حيث كشفت دراسة علمية أجراها لين ديفريس، رئيس مجموعة صن فالى، أن الزهور لديها القدرة على مشاركة الشعور بالراحة والسعادة بين الناس.
من ناحية أخرى، أثبت البحث العلمى الذى تم إجراؤه فى العديد من المؤسسات التعليمية، مثل جامعة هارفارد بأمريكا وجامعة روتجرز وجامعة تكساس إيه آند إم وجامعة شمال فلوريدا الأمريكية، أن الزهور تساعد على الشعور بالسعادة وتحد من التوتر، وتساعد على زيادة الإبداع وتوسيع نطاق الأصدقاء وتقوية العلاقات بينهم، هذا ما يحدث عندما يهدى صديق صديقه بعض الزهور المختلفة، كما أنها تساعد الإنسان على الشعور بأنه فى أفضل حال.
تحمل الزهور بألوانها المختلفة رسائل عديدة لا يفهمها سوى محبى هذا النوع من النباتات، مثلا الزهرة الحمراء تعنى الحب والعشق، التى يفضل إهداؤها للشخص الذى تحبه لتؤكد بها حقيقة مشاعرك تجاهه، والوردة البيضاء تعنى بداية جديدة وهذه يفضل أن تشتريها لنفسك كل يوم، لتؤكد لذاتك أنك على استعداد أن تبدأ كل يوم بداية جديدة وتنسى الماضى بجميع ذكرياته السيئة وآلامه، وتفتح صفحة جديدة مع الحياة، والوردة البرتقالى تدل على الحماس، فيمكن أن تشتريها وتضعها على مكتبك فى العمل لتحفزك على الجد والنشاط وإتقان عملك طوال اليوم، والزهرة الوردى تعنى الشعور بالسعادة، ويفضل أن تزرعها فى شرفة المنزل لتدخل السعادة والسرور لأفراد عائلتك.
ولتأثير الزهور وفوائدها على نفسيتنا وعلاقتنا بالآخرين، أنصح بشرائها و زراعتها فى المنزل، وإهدائها للأصدقاء فى المناسبات المختلفة لتدخل السرور على قلوبهم، فإهداء الحبيب لحبيبته بعض الزهور، وكذلك الزوج لزوجته كل يوم زهرة حمراء، يدل على حبه لها وبقائه على عهده، وكذلك الجار لجاره حتى يقوى علاقته به، والمدير للموظفين حتى يدخل السعادة على قلوبهم ويجعلهم أكثر إقبالا على العمل وإتقانا له، أو التبرع بإهداء الزهور للمارة لمجرد رؤية الابتسامة على وجوههم، بدلا من تخصيص الزهور لتوزيعها على مقابر الموتى أو إهدائها فى المناسبات المختلفة، مثل عيد الحب أو الزواج، لأننا بطبيعتنا البشرية نحتاج بشكل يومى لمن يؤكد لنا على حبه وصدقه معنا، وأفضل رسول يرسل هذه الرسالة ويؤكدها هو الورد.