بداية نتفق جميعا أن هناك أزمة مالية عالمية تأثيراتها سلبية على الاقتصاد المصرى خاصة فى ارتفاع أسعار بعض السلع، لأن ببساطة لسنا بمنأى عن ما يحدث في العالم من موجة تضخم طاحنة، لكن الإشكالية في اعتقادى لها أكثر من جانب، الأول يخص المواطن "التاجر"، حيث للأسف قد جرى العُرف مع كل زيادة فى المرتبات أو وجود أزمة، يقوم البعض برفع الأسعار من تلقاء أنفسهم حتى ولو كانت مٌخزنة وتم شراؤها بالأسعار القديمة بهدف مكاسب مضاعفة، بل الكارثة أن هناك من يتجه إلى تخزين السلع فى انتظار المزيد من الارتفاعات، وهذا أمر في غاية الخطورة يحتاج منا جميعا إلى وعى ومسئولية تجاه الوطن، لأن المسئولية الاجتماعية حق وواجب على كل مواطن صالح بعيدا عن المصالح الضيقة والخاصة.
أما الجانب الثانى، يخص المواطن "المستهلك" وهنا الوعى عليه أيضا دور مهم سواء في من حيث الترشيد في الإنفاق والاستهلاك من جهة أو التحلى بالإيجابية بحيث يكون للمواطن دور أكثر فاعلية يتمثل في سرعة الإبلاغ عن حالات التجاوز التي يراها من قبل البعض للتيسير على الأجهزة الرقابية في ضبط هذه المحاولات.
يبقى جانب ثالث مهم أيضا، وهو دور أو أدوار الدولة للسيطرة على ضبط الأسواق سواء بتوفير السلع الاستراتيجية، أو إيجاد بدائل لأى نقص، والتحكم في الارتفاعات بحيث تكون ارتفاعات محسوبة بدقة حتى لا تصيب الفوضى السوق، إضافة إلى الرقابة الحاسمة على الأسواق خاصة أننا لدينا تشريعات وقوانين رادعة بالفعل، حيث يحظر حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول، وذلك عن طريق إخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأية صورة أخرى، وقد نصت المادة 71 من قانون حماية المستهلك، على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، كل من يخالف المادة 8 من هذا القانون".
وإذا اتفقنا أيضا على أن من حق المواطن أن تشعره الحكومة بأنه على رأس اهتماماتها فيما يتعلق بتوفير احتياجاته بسعر مناسب وضبط الأسعار والقضاء على كل أنواع الجشع التى تمارس ضده، فإن هناك نقاط مضيئة للحكومة خلال الفترة الماضية عكس ما كانت عليه الأمور من قبل، وأول هذه الأمور توسع الحكومة في إيجاد آليات الشكوى للمواطنين بحيث في مقدور أي مواطن الآن أن يصل بشكواه لرئيس الحكومة مباشرة وذلك من خلال منظومة الشكاوى الحكومية، وكذلك آليات التواصل على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، أو خطوط وأرقام الأجهزة الرقابية التي أصبحت في يد الجميع، خلاف التحركات الإيجابية للحكومة خلال الأيام الماضية بشن حملات مكثفة لضبط الأسواق، والنماذج كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر جهود مديرية تموين الجيزة، حيث تشن أكثر من 20 حملة يوميا بقيادة حسن طلعت مدير المديرية، وهالة غريب وكيلة المديرية لضبط الأسواق ومواجهة جشع التجار وفوضى الأسعار.
والمقدر دور المحليات أيضا الملحوظ في هذه القضية، ونموذجا تنسيق حى الهرم بقيادة اللواء حسن موافى مع إدارة تموين الهرم والأجهزة المعنية بشن عدة حملات يومية، إضافة إلى الحملات التي تشنها المحافظات وجهاز حماية المستهلك على مستوى الجمهورية، ورغم هذا نطالب بالمزيد خلال الفترة المقبلة، لأن في اعتقادى أن فرض رقابة حاسمة يحل المشكلة بنسبة 50% وزيادة الوعى لدى المواطن والتحلى بالإيجابية في التعامل مع الأزمة يمثل الـ50% الآخرين..
إذن.. الدولة عليها دور ومسئولية في قضية ضبط الأسعار وإشعار المواطن بالرضا وبتحسن معيشته وحمايته من الجشع والمحتكرين، وكذلك المواطن عليه دور لا يقل أهمية في التعامل مع الأزمة من خلال الوعى.. حفظ الله مصر والمصريين..