كثيراً ما كنت وأنا صغيرة أحزن من زملائى فى المدرسة عندما يعايروننى بأخطائى فى الامتحان، وحصولى على درجات أقل منهم بسبب هذه الأخطاء، والحقيقة أن السبب وراء تكرار بعض الأخطاء هى محاولة اللحاق بهم ومسايرتهم بقدر الإمكان، حتى سألتنى والدتى وأجبتها عما أشعر به، وأن السرعة فى الإجابة كانت طوال الوقت سبباً لحدوث خطأ غير متعمد، لأجدها تقول لى جملة استمرت معى حتى الآن، وهى ليكن هدفك ليس اللحاق بأحد، بل إثبات نفسك، وبمجرد إثبات نفسك ستجد أن نجاحك هو الدافع لهؤلاء للاقتداء بك ومحاولة الركض خلفك كما تفعلين معهم الآن.
تلك الجملة استوقفتنى فى كل لحظة بعمرى، محاولة إثبات ذاتك تكن فقط لذاتك وليس للآخرين، لا تكترث بهم ولا تهتم، ستجدهم بعد ذلك يسيرون خلفك أو فى ظلك، وقتها لن ترى سوى نفسك فى أفضل الأحوال تسعى لأفضل نسخة من ذاتك.
هكذا هو الحال مع الدولة المصرية حالياً، وبخاصة مع إقامة مؤتمرات دولية وعالمية على أرض مصرية، فمصر تسير فى طريقها منفردة، تتصدر المشاهد والمحافل الدولية، منذ لحظة نقل المومياوات الملكية حتى استضافة مؤتمر المناخ الأخير الذى جعل مصر محط أنظار العالم كله بل وريادتها فى حل الأزمات، ليس داخلياً فقط بل وسيطرتها على مشكلات العالم، ووضع حلول لها، مؤتمر المناخ الذى جمع قادة العالم على أرضها، فى محاولة للم الشمل وقراءة السياسات الجديدة فى العالم، بل وأيضاً تبنى حلول والوساطة فى أزمات عالمية مثل أوكرانيا وروسيا، المؤتمر الذى حاول خفافيش الظلام انتهاز الفرصة بقدر الإمكان لتعكير صفو المصريين وفخرهم بتصدر مصر المشهد الدولى والذى فشلوا فيه أيضاً، كما فشلوا فى أشياء كثيرة من قبل كانت ستؤدى بمصر لكارثة تاريخية لم تحدث فى تاريخها من قبل.
محاولة إرباك الدولة هى محاولة رخيصة ودنيئة، تصيد الأخطاء بالرغم من النجاح الملموس فى كل شبر على أرض مصر دليل على غباء هذه المجموعة التائهة، محاولة إفشال الدولة فقط لعدم استطاعتهم استغلالها بالشكل المناسب، ولكن مصر كدولة قوية بقيادتها وشعبها فدائماً ما تربح، وذلك بسبب وضع خطة طويلة الأمد والسير نحو النجاح دون الالتفات لتلك المعوقات الهزيلة.
فمصر أقوى من أى جماعة أو فئة، مصر شعب قبل أن تكون دولة، كيان كامل متكامل، يستشعر الخطر ويرى المستقبل، المتمثل فى القيادة الحكيمة وصاحبة الرؤى المستقبلية، التى تريد لمصر أن تصبح دولة محورية ذات رأى معتبر فى الساحات الدولية.
نجاحها هذا واستمرارها فى خطتها نحو النجاح نموذج فريد، لأنه ناتج من استشراف المستقبل وعدم اتباع أى نماذج دولية أخرى، أغلبها لا يتناسب مع الحالة المصرية، وهذا ما لفت الأنظار فعلاً إليها، كما نرى من دول حالية تحاول استعادة العلاقات وتوقيتها عما كانت عليه من قبل، بل وتغيرت نبرتها فى التعامل مع الشأن المصري، لأنها أصبحت تدرك وبقوة قدرة مصر على التشافى السريع مع أى نكبة، وإحراز نجاح حقيقى فى فترة قياسية.
قصتى مع أمى تتشابه كثيراً مع مصر، الالتفات للمحبطين ومن يتمنون لنا الأخطاء ويصطادون فى الماء العكر ليس له مكان فى قاموس حياتنا، فدائما ما تبهرنى مصر بعقول أبنائها الذين يتمتعون بقدر كبير من الوعي، يسعدون بالإنجاز ويعلون راية وطنهم القادر على التطور والتكيف والتخطيط لمستقبل حقيقى ملموس بشكل كبير وفى وقت قياسى جعل هذا الوطن مسلط عليه الأضواء وفخر للعالم كله، وإن كنت حققت نجاحا نسبيا بسبب نصيحة من أمى، إلا أن مصر حققت ما لم أتخيله وما زلت أتعلم منه يوماً بعد يوم.