في حياة كل منا يبقى شخصا عزيزا دائما يكون الوفاء والحنين له مستمر سواء فى حياته أو بعد مماته، وفاءا في كل لحظة وكل موقف وكل قرار وكل خطوة يقدم عليها، وفاءا من نوع خاص مصحوبا بالشجن والحنين للقائه ورؤيته وسماع كل كلمة، ويتذكر كل موقف جمعهما ، لتبقى قيمة الوفاء أثمن شىء فى هذه الحياة المليئة بالصعوبات والتحديات، لكن يبقى الحب والوفاء أجمل ما فيها.
هنا نجد أحد أعظم قصص الوفاء من أرض المحروسة، بطلها نجمان عملاقان أحدهما رحل عن عالمنا مؤخرا وآخر يدين بالوفاء والعرفان لصديق عمره، بعدما جمعهما تاريخا طويلا ليعطوا درسا للأجيال الحالية والقادمة ، فى أهمية قيمة الوفاء في الحياة وبعد الوفاة، الأول هو العملاق الراحل الملحن والممثل محمد سلطان (توفي 13 نوفمبر الجارى)، الذى بدأ كممثل من مواليد الإسكندرية 20 يوليو 1937، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1960 بعد أن ترك الكلية البحرية ثم اتجه إلى التمثيل والتلحين وتزوج من الفنانة الراحلة فايزة أحمد ولحّن لها أشهر أغانيها "غريب يا زمان"، و"رسالة إلى امرأة"، و"قاعد معايا"، و"أخد حبيبي" وغيرها.. والثاني المطرب القدير محمد ثروت أشهر من قدم أغاني الأطفال والأغنيات الوطنية والدينية والعاطفية ولحّن له كبار الملحّنين وعلى رأسهم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ومحمد الموجي و منير مراد و محمد سلطان و حلمي بكر و عمار الشريعي ، حاصل على بكالوريوس الهندسة جامعة الزقازيق عام 1983 وعمل مهندسا بعض الوقت قبل أن يتجه للغناء.
الوفاء في حياة الراحل القدير محمد سلطان تجسد في احتفاظه بكل متعلقات زوجته الراحلة فايزة أحمد ووضعه صورها في كل ركن بالشقة التي عاشا فيها وشهدت قصة حبهما، وما قاله عنها في آخر تصريحاته :"أنا ما نسيتهاش وأعتقد مش هنساها.. فايزة كانت شريكة حياتي.. كنا إحنا الإثنين مع بعض وكانت هي تأثر فيا جدًا، ولما سابتني ومشيت تعبت أوي، وحشتني جدًا وأنا مش هنساها" ، لتبقى قيمة الوفاء في حياة الراحل قصة حقيقية بطلها الفعل قبل القول.
وانطلاقا من الوفاء المطلق لزوجته الراحلة "فايزة أحمد" ، ها هنا نرى نموذجا للوفاء والمحبة المطلقة مرة أخرى من مطرب قدير "محمد ثروت" لصديق عمره "محمد سلطان" والذي قدمه للجمهور في أول أغنية له وهى "حالة حب" من كلمات محمد حمزة وألحانه، لتكون بداية حقيقية لثنائى مصرى من الزمن الجميل، لأنها كانت بداية لمشوار فنى لنجم قدير بدأت رحلته منذ ذلك التاريخ ثم جاءت بعدها أغانى منها "عاشقين" و"حاسب علي قلبي حاسب" من كلمات العملاق الراحلة عبد الرحمن الأبنودى والتي كانت ولاتزال من أهم محطاته الغنائية، حتى حدث تعاون بين النجمين فى الابتهالات الدينية والتي كتبها عبد الفتاح مصطفى وكانت لإذاعة الشرق الأوسط.
وفاء المهندس القدير محمد ثروت للراحل محمد سلطان ليس فقط بسبب اكتشافه عن طريق "حالة حب"، بل ما ذكره "سلطان" فى أحد اللقاءات التلفزيونية يعكس مدى قوة المحبة وكيف بدأت العلاقة بينهما قائلا :"عن طريق الصدفة قابلت محمد ثروت أثناء قيامه بتسجيل أغانى لعمل سينمائي باستديوهات 45 .. وعلمت وقتها أنه أصبح فنانا متميزا كنت حريص علي الحضور أثناء التسجيل وكان القرار منى تقديم أغنية "حالة حب" له وكنت واثقا من نجاحه، واستمر التعاون مجددا في عمل آخر من تأليف الخال عبد الرحمن الأبنودي وهى أغنية "حاسب على قلبي" والتي حققت نجاحا كبيرا وقتها.
رحم الله الملحن القدير محمد سلطان وغفر الله له.. وتحية تقدير لمطرب قدير محمد ثروت الذى يعتز ويعلن صراحة وفاءه لصديق عمره محمد سلطان ، ليعطونا درسا كجيل حالي بالتمسك بقيمة الوفاء لمن نحبه سواء حيا او ميتا.