من منا لا يعاني من وجود مهام كثيرة ومسئوليات عديدة تقع على عاتقه، في حين أن الوقت المتاح ليس كافيا لانجازها، وقد يفنى عمر الشخص دون إنجاز كل ما كان يخطط له، ومن ثم تكمن أهمية تنظيم وإدارة الوقت، وتحقيق الاستفادة القصوى منه.
ربما كان الآباء والأجداد، حتى غير المتعلمين منهم في الأرياف، أكثر تنظيما للوقت منا، وتعظيم الاستفادة منه، فهناك في مسقط رأسي في الصعيد، كنت أشاهدهم ينظمون وقتهم بشكل رائعا، يستيقظون في الصباح الباكر، ربما مع أذان الفجر، فيبدو اليوم لهم طويلا، يتناولون الإفطار، ثم ينجزون عددًا من المهام الصباحية، وما أن تنتصف الشمس في كبد السماء، حتى يكونوا قد أنجزوا الكثير من الأعمال، وبعد "الغذاء"، يخلدون للنوم بعض الوقت، يستجمعون فيه قواهم، ثم يعودون للاستيقاظ بعد وقت قليل، لاستكمال بعض المهام في "العصرية"، وبعدها تبدأ الزيارات أو المشاركة في المناسبات والترفيهة، أو على الأقل مشاهدة التلفاز، ثم يخلدون للنوم المبكر المفيد، على أن يبدأ يومهم في الصباح الباكر كذي قبل.
تشعر أن يومهم فيه بركة، والوقت طويل وممتد وكافي لانجاز كثير من المهام مع التنظيم الرائع للوقت، وإداركا بأهميته والحرص على الاستفادة من كل جزء فيه.
لم يجد في قاموس الآباء والأجداد، السهر لمنتصف الليل على المقاهي، والاستيقاظ في آخر اليوم، مع صحة تتبدد، وأعمال تتأخر، ولا الجلوس على منصات التواصل الاجتماعي آناء الليل وأطراف النهار.
الحال الآن تبدل، وأصبحنا نتعايش مع أجيال غريبة، لا تدرك للوقت أهمية، يمر دون أن يشعرون أو يبالون بأهميته، فلا انجاز للمهام، ولا انتاج، وإنما أصبح بعضهم عبئا على أسرهم، يأكلون ويشربون وينامون، ويستعرضون حياتهم على السوشيال ميديا.
إن تنظيم الوقت، يساهم في بناء أجيال قوية ميتنة لديها الثقة في النفس، قادرة على الإنجاز والإعجاز، ويمنح أعمالنا الدقة والانضباط، ويساعدنا في تحقيق أهدافنا المرجوة مستقبلا، ويزيد من الإنتاج ويختفي معه التوتر والقلق.
إذا، علينا استعادة هذه القيم، والحرص على تنظيم الوقت والاستفادة من كل جزء فيه، وتحديد الأولويات والبدء فيها فورًا، وعدم تحويل وقتنا لفراغ قاتل يدمر العقول ويخرب الأجيال.
دربوا أبنائكم، على أن "الوقت هو الحياة"، يجب استثماره، وتنظيمه بشكل رائع، والاستفادة منه، حتى يتضاعف الإنتاج ويتحقق النجاح، ويشعروا بالثقة في النفس.