لولا النسيان لما محيت من داخلنا الكثير من المواقف السيئة والذكريات المؤلمة، والأيام التي تمنينا فيها أنها لم تكن، فبالرغم من نعم الله الكثيرة التي تزاحمنا في الحياة إلا أن نعمة النسيان هي الأقرب إلى القلب، لمنحها طاقة متجددة يمكن من خلالها البدء من جديد، وليس هناك أفضل من السطر الأول في القصة.
يحمل النسيان الكثير من المميزات وأفضلها إطفاء الانتقام وإزالة تخمة الهموم وتجدد النشاط، كما يشبه البعض النسيان بأنه شكل من أشكال الحرية التي تمنح القلب والعقل فرصة جديدة يمكنك من خلالها الوصول لنقطة أبعد من التي تمنيتها سابقًا وفشلت في إتمامها على أي مستوى كان "شخصي أو مهني إلخ...".
فبعد أن تدق عقارب الدقيقة صفر، يتسارع كثير من مستخدمي "فيس بوك" على استخدام إمكانية الوصول لذكرياتهم التي يوفرها لهم التطبيق، فيتزاحم التايم لاين بـ بوستات سنوية يشاركها البعض للمرح وآخرون لتذكر ما كان وكان، وآخرون يشاركونها لجلد الذات، و"أنا" اطلع عليها من أجل الحذف واستكمال نسيان الماضي.
كم تمنيت أن يزيل التطبيق إمكانية الوصول للذكريات، والسماح للحياة بأن تبقي على الذكريات السعيدة وتجاهل السيئ منها، والسماح للعقل والقلب بتذكر الجميل وتجاهل القبيح، وليس تذكر القبيح قبل الجميل في إمكانية الوصول التي يوفرها التطبيق.
بالرغم من صعوبة الدقيقة التي أتجول فيها في الذكريات القديمة إلا إنها إلزامية في بعض الأوقات لسماحها للعقل بتذكر السيئ لعدم تكراره أو لتذكر مناجاة الله الذي نجاك من تلك الأيام، أو لتتذكر كم كنت تريد أن يمر الوقت آنذاك وتصل لليوم الذي تخطيته بالأمس، لتصل لما وصلت إليه، لتصل لما ستصل إليه فيما بعد.
رفقًا أيتها التكنولوجيا ويا تطبيقات السوشيال ميديا بمستخدميكِ فهناك مشاعر لابد لها وأن تزول وتدخل طي النسيان، وليس من حقك أن تذكرينا بها في الدقيقة صفر.