قال نبينا الكريم "مَنْ أَصبح منكم آمِنًا في سربه مُعافى في جسده عنده قوت يومه فَكَأَنَّمَا حِيزَت له الدُّنيا بِحَذافِيرها"، فحقا الصحة تاج على رؤس الأصحاء لا يراها إلا المرضى، ففي المرض يكمن ضعف الإنسان وقلة الحيلة والعجز، ولا يملك إلا الدعاء وترجى الشفاء والتعلق بالخالق مهما كانت قوته أو نفوذه أو غناه.
فاعتقادى أن العظة والعبرة تكون دائما فى المستشفى أكثر من أى مكان آخر، لأنها بمثابة بوابة أو نفق إما للعبور لدار البقاء أو العودة إلى متاع الغرور، ففيها من يتعشم في الشفاء، وفيها من ضاق بمرضه ويتحصن بصبره، وفيها من عجز الأطباء عن علاجه، وفيها من يصرخ من شدة أوجاعه، وفيها من يرقد وحيدا، وفيها من يصطف حوله زائروه مجاملة أو منتظرين الموعد المكتوب، وفيها من ودع آلامه ويتعجل أهله أوراق خروجه لكتابة آخر سطور حياته.
فالمستشفى يا سادة، ما هى إلا دنيا صغيرة، فيها من يضحك ويفرح، ومن يبكى ويصرخ، فيها من لديه ضمير وولاء ومن تخلى عن الرحمة وأحب الشقاء، وفيها الماهر الرحيم والقاسى الغشيم، فيها من يتاجر في آلام الناس وفيها يتاجر مع الباقى الوارث، وفيها من يجلس في غرفة مكيفة وفيها من تكتظ بهم العنابر.
فالصحة نعمة كبيرة وعظيمة، وأعظم ما قيل عنها "إن رؤوس النعم ثلاثة، أولها نعمة الإسلام التي لا تتم نعمة إلا بها، والثانية نعمة العافية التي لا تطيب الحياة إلا بها، والثالثة نعمة الغنى التي لا يتم العيش إلا به"، فيجب علينا أن نستثمرها خير استثمار، فقد أوصانا الرسول الكريم أن نحسن استثمارها، فقد قال: «اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
وأخيرا.. ندعوا كما كان يدعو نبينا الكريم "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك"..