قاعات السينما في المغرب: التحديات الثقافية والمجتمعية، هذا الموضوع الذي اتخذه مهرجان الرباط لسينما المؤلف عنوانا للمائدة المستديرة في دورته المنعقدة حاليا، هو موضوع يثير العديد من الأسئلة حول أزمة حقيقية يعيشها المغرب د، أزمة تعبر عن التفاوت بين حجم الإنتاج السينمائي المغربي وعدد صالات العرض، وهي أزمة تمتد بشكل أو أخر إلى خارج المملكة المغربية، لبلاد عربية أخرى ومنها مصر بطبيعة الحال وبحكم الصناعة، خصوصا في السنوات الأخيرة مع التطور التكنولوجي وازدياد منصات العرض السينمائية وتقلص دور العرض، وربما أصبحت ملحوظة بشكل كبير بالتوازي مع جائحة كوفيد ١٩ التي عمقت من حجم الأزمة.
بدت الأزمة أكثر شدة ولا سيما مع احتضار عدد كبير من صالات العرض السينمائية سواء بالهدم أو الإهمال، بما يعني تأكيد فكرة أفول نجم الفرجة في الصالات المغربية، والتي ترسخت بشكل ما منذ مطلع السبعينيات، وزادت في مراحل لاحقة كما حدث في أواسط التسعينيات، ما أسهم في غياب شغف الفرجة لدى قطاع عريض.
في هذا الإطار انخفض عدد الصالات مثلا من نحو 240، عام 1980، إلى 150 في نهاية التسعينيات الفائتة، وتطور الأمر مع حضور أقراص "دي في دي"، في بداية الألفية الثالثة، ثم الإنترنت والمنصات الرقمية، رغم الدور المهمّ الذي لعبه المركز السينمائي المغربي، في رقمنة وتحديث الصالات المتبقّية (يبلغ عددها اليوم نحو 40 شاشة في مجموعها)، وإنشاء المجمّعات السينمائية، التي أصبحت الوسيلة الأساسية لجذب جمهور ما زال لديه هذا الشغف والتهيوء النفسي للخروج والذهاب إلى دور العرض.
على نفس الصعيد لابد من الإشارة إلى حجم الإنتاج السينمائي المغربي المتزايد سنويا، وكذا حضوره، في المهرجانات العالمية في السنوات الأخيرة، إلا أن هذه نقطة لم تعالج مشكلة التسويق في ظل اغلاق المزيد من دور العرض في المغرب.
عمق مشكلة التسويق هذه، تشدنا إلى سؤال ملح وهو: أي مصير ستواجهه السينما المغربية في ظل التزايد الكبير في عدد الأفلام المنتجة سواء محليا أو إنتاج مشترك، بينما هي تفتقد فرصة عرضها امام الجمهور المغربي والعربي وحتى الأوروبي، باستثناء بالطبع عروض المهرجان؟..
في رأيي أنه للخروج من هذه الأزمة يجب الدفع لإعادة الاستثمار في هذا قطاع تطوير صالات العرض وكذلك استثمار المنصات الرقمية لترسيخ حضور الفيلم المغربي محليا وعربيا، بما يسهم في انتشار اللهجة المغربية بعيدا عن الترجمة الفرنسية التي تشكل عقبة كبيرة أمام العديد من المتفرجين.