أعرف أن معظم الناس لديها خلط فى مفهوم "تجديد الخطاب الديني"، حيث يظن البعض أن المقصود هو تجديد الدين نفسه، وكأن الأمر سيكون فيه تدخل فى النصوص وغير ذلك، وهو أمر بعيد تماما وغير صحيح، لذا فإن شرح المقصود بتجديد الخطاب الدينى يحتاج توضيحا تقوم به وزارة الأوقاف، إن كانت بالفعل معنية ومهتمة بهذا الأمر.
وأنا بالفعل أشك فى رغبة وزارة الأوقاف فى فعل تجديد الخطاب، أو فى فهمها للتجديد ومحتواه، وإلا فكيف أن بعض خطباء الجمعة لا يزالون يروون لنا قصصا "سحرية" من الإسرائيليات، لم ترد فى قرآن ولا سنة ولا يقبلها عقل، وكيف أن خطيب الجمعة أمس فى أحد المساجد – كنت أصلى خلفه – كان يتحدث عن معنى جملة "لا إله إلا الله" وحقها وحقوقها، فكان مما قاله "إن من يستبدل القانون بدلا من الشريعة فإنه لا يؤمن بلا إله إلا الله"، وقال "إن من لا يؤمن بتعدد الزوجات لا يعطى لا إله إلا الله حقها"، وقال "إن من يرفض جلد الزانى غير موقن بكلمة لا إله إلا الله".
ومشكلتى مع هذا الخطاب الذى تحدث به خطيب الجمعة، أنه لا يقرأ الواقع، لا يدرك أننا فى بلد يحكمها القانون الوضعى وأن الكثير من القوانين مستمدة من الشريعة، وأن تعدد الزوجات مشروط حسب النصوص وحسب المفسرين، وأن جلد الزانى قد صار الأمر الآن مرتبطا بسجن وقوانين تحكم الأمر وغير ذلك.
إن خطيب الجمعة لم يدرك أن خطابه قديم، وأنه يقرأ من كتاب "خطب مدرسية" مرت عليه سنوات وسنوات، وأنه كانت أمامه فرصة أن يحدثنا عن جملة "لا إله إلا الله" وأن الإيمان بها يعنى الثقة فى الله سبحانه وتعالى، وألا نخشى أحدا طالما نؤمن بهذا الجملة، وأن نعمل لها عملها، فلا نستعين بغير الله، ولا نذل لأحد لأن الله سبحانه وتعالى كريم ويحبنا مكرمين.
وفى الحقيقة لا أعرف لماذا لا تهتم وزارة الأوقاف بخطباء المساجد، فتعلمهم وتثقفهم وقبل ذلك تعرف بالفعل ما الموجود فى رؤسهم، قبل أن تدعهم يصعدون المنابر ويوجهوننا ويربكونا بقلة معرفتهم وقلة وعيهم.
الموضوع كبير ومهم، وتجديد الخطاب ليس مجرد أن يصعد شاب على المنبر، لكن المهم ماذا يقول، وهل يؤمن حقا بتجديد الخطاب، وهل يعلم أساسا أن خطبة الجمعة دورها توعوى للناس وأن المفروض أن تتعلق بما يهم الناس وما يصلح لهم دنيتهم ودينهم.