مخرج لن يتكرر مرة أخرى فى تاريخ الدراما المصرية، شارك كبار الفنانين بإخراج معظم أعمالهم مع أقدم المؤلفين، ورغم تاريخه الطويل إلا أن هناك بعض الأعمال الدرامية خلدت بذاكرة الجمهور وكانت علامة مميزة وواضحة، لكنه الآن يحتاج تخليدا من نوعا خاص، ليبقى في ذاكرة كل ابنا من أبناء هذا الوطن عامة ومحافظة كفر الشيخ خاصة.
مخرج الإبداعات الخاصة والأعمال الاستثنائية التي أضاءت الشاشة الصغيرة على مدار سنوات طويلة وعقود من الزمان، لأنه كان من الجيل الثاني لمخرجي الدراما المصرية مع يحيى العلمي ومحمد فاضل، وقد شكل ثنائيًا ناجحًا مع السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة الذى أخرج له عدة مسلسلات تليفزيونية.. أنه المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ، الذي ولد 15 مارس 1941 بقرية الخادمية بمحافظة كفر الشيخ، وتخرج من كلية الآداب قسم لغات شرقية بجامعة عين شمس عام 1963 بتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف.. رفض العمل معيدًا بالكلية لحصوله في ذات الوقت على خطاب تعيين للعمل بالإذاعة والتليفزيون، وعمل في 1963 كمُساعد مُخرج في مراقبة الأطفال، ثم انتقل عام 1965 إلى مُراقبة المُسلسلات.
ظل مشوار عبد الحافظ الإخراجي مرتبطا برفيق دربه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة الذي توفي عام 2010، حيث بدأ في نهاية الستينيات بأول عمل له كمُخرج، وكوّن ثنائي لامع مع عكاشة، وكان من أشهر أعماله مسلسلات حفرت اسمها لدى الجمهور المصرى كالشهد والدموع، وليالى الحلمية، وخالتي صفية والدير، والوسية، والعائلة، وامرأة من زمن الحب، وحدائق الشيطان، وتوقّف إنتاجه الإخراجي بعد وفاة أسامة أنور عكاشة حزنا عليه.
لا شك على الاطلاق أن المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ، تربع على قلوب الجمهور المصرى بأعماله الاجتماعية المميزة، ما جعل البعض يطلق عليه لقب "مخرج الشعب"، و"عمدة الدراما المصرية" و"مخرج الروائع الدرامية"، لما قدمه من عشرات الأعمال الفنية الخالدة ، فنجد يقدم مسلسل ليالى الحلمية بأجزائه الخمسة، والذى يعتبر من أشهر مسلسلات فى تاريخ الدراما المصرية، نظرًا لمروره بفترة زمنية طويلة، رصد فيها التاريخ المصرى منذ أربعينيات القرن الماضى، وحتى التسعينيات، وكتبه أسامة أنور عكاشة، وتم إنتاج جزء سادس منه ولكن تولى كتابته أيمن بهجت قمر وأخرجه مجدي أبو عميرة.
نجده في مسلسل "الأصدقاء" الذى حقق نجاحا خاصا، وهو المسلسل الذى كتبه كرم النجار، وتم عرضه فى عام 2002، وقام ببطولته الثلاثى صلاح السعدنى، فاروق الفيشاوي ومحمد وفيق إلى جانب صفية العمرى وهالة فاخر ونرمين الفقي.. وكذلك ما قدمه في مسلسل "المصراوية" وهو آخر أعمال السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة، وقام ببطولته فى الجزء الأول هشام سليم وغادة عادل، وفى الجزء الثانى ممدوح عبدالعليم وميس حمدان، وسميحة أيوب ووائل نور وعرض عام 2007.
من منا لم يستمتع بما قدمه في مسلسل "الشهد والدموع"، وهو من تأليف أسامة أنور عكاشة، وتم إنتاجه فى عام 1985، ولعب بطولته كل من يوسف شعبان ومحمود الجندى وعفاف شعيب ونوال وخالد زكى ونسرين، وتم إنتاج جزأين منه وكذلك تجلت عبقريته في مسلسلات "البر الغربي، أسوار الحب، جمهورية زفتي، أكتوبر الآخر، وخالتي صفية والدير، والوسية، والعائلة، وامرأة من زمن الحب، وحدائق الشيطان".
المتابع لتاريخ الحركة الفنية في مصر على مدار العقود الماضية، يجد عمالقة شكلوا الوجدان وصنعوا تراث وتاريخ فنى هائل، كان ينتظره العرب من الشرق للغرب لحظة عرضه وحتى الآن، لتبقى الثقافة والفن المصرى، صانع ثقافة ووجدان الملايين من الشعوب العربية، ولا شك من هؤلاء العمالقة المخرج القدير إسماعيل عبد الحافظ، الذى يحتاج اليوم قبل غدا قرار من اللواء جمال نور الدين، محافظ كفر الشيخ، لتخليده وتكريمه ، ليخرج من مكتبه أحد أهم قرارات التكريم لصالح أحد أعظم صناع تاريخ الدراما المصرية كاطلاق اسمه على سينما كفر الشيخ أو قصر ثقافة كفر الشيخ أو مدرسة أو ميدان أو كوبرى ليتعلم الأجيال الجديدة خاصة مواليد ما بعد الـ2000، من هو هذا المخرج العظيم الذى تكرمه دولته في مسقط رأسه.