انتشر فيديو على التيك توك لبعض الأولاد يلعبون لعبة خطرة دون إدراك لعواقبها، فيقفون في صفين متقابلين ويمسك كل منهم بيد من أمامه في الصف ثم يقفز احدهم على أيديهم ويظلوا يرفعونه وهم يحملونه على أيديهم وهو مستلقيا كالنائم على أيديهم ثم فجأة يرفعونه لأعلى ويتركونه يقع على الأرض، حدث هذا مع فتى في الرابعة عشر من عمره ثم سقط على رأسه وكُسِرَت فقرات عنقه وقطع الحبل الشوكي فحدث له شلل كامل في كل جسده، وانتشر بعدها بأيام قليلة خبر موته.
فاجعة لأهله وألم روحي لأصدقائه وعذاب نفسي لكل من لعب معه هذه اللعبة التي دمرت حياة صديقهم وتسببت في معاناة أهله طوال حياتهم، اذا عاش فسيقاسون معه معاناة لا حد لها، وإذا مات سيعانون آلام فقده.
كل هذا من أجل تقليد أعمى للعبة منتشرة على النت سواء تيك توك أو غيره
وكثير مثلها الألعاب التي تنتشر وتصبح تريند ويقلدها الاولاد والبنات الأطفال أو الفتيان والفتيات
والشبان والشابات دون حساب لأخطار اللعبة وما يمكن أن تؤدي إليه من معاناة لهم ولمن حولهم.
ولذلك وحتى لا يحدث لنا ولا لغيرنا ما لا يحمد عقباه وضع الإسلام ضوابطًا للعب والمزاح ولم يترك هذا الأمر مفتوحا يفعل فيه من شاء ما يريد.
ففيما يتعلق باللعب من ضوابطه
1- أن يكون نافعًا نفسيا وبدنيا وذهنيا لكل من يلعب وليس لطرف على حساب الآخر
2- ألا يترتب على اللعب ضرر نفسي أو بدني أو ذهني أو مادي لقول النبي: "لا ضرر ولا ضرار"
3- أن يكون مما يحل استعماله أو مشاهدته أو قوله أو فعله وبالتالي ألا يكون اللعب بما يحرم استعماله أو مشاهدته أو سماعه أو قوله
وذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد
4- ألا يعرض نفسه أو غيره للأخطار المؤكدة كالألعاب النارية أو البدنية كما حدث في الحالة المذكورة، أو الأخطار المحتملة كاحتمال الإدمان أو اختلال التوازن أو غيره
5- ألا تصرف عن عبادة أو طاعة واجبة أو عمل نافع .
6- ألا يتخلل اللعب تحقير أو استهزاء أو كذب أو ترويع وتخويف حتى لو كان مجرد إخفاء أحد متعلقاته للبحث عنها دون علمه لترويعه ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يأخذنَّ أحدُكم متاعَ صاحبه جادَّا ولا لاعبًا، وإذا وجد أحدكم عصا صاحبه فليردُدْها عليه"
أقول هذا لا ليظن البعض أن الإسلام يقيدنا بضوابط وقواعد حتى للألعاب والترفيه ولكن لكي يعلم الناس أن ديننا لم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد اهتم بها وحرص على أن نعمل عقولنا ونحفظ أنفسنا حتى في اللعب والمزاح
ومن أجل ذلك وأكثر فقد وضع العلماء الأسس والضوابط لكل أمر من أمور حياتنا وأخذوا هذه الضوابط والأسس من كلام الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولعلمهم أن التقليد والمحاكاة طبيعة متأصلة في البشر، عند الكبار فيكثر التقليد في المأكل والمشرب والملابس والمركب والأثاث ومناهج التفكير والاعتماد.
وعند الصغار يكثر التقليد في الحركات والألعاب والكلمات، ولأن الإسلام يربي أهله وأبنائه على التفرد والتميز والتفكير في كل قول وعمل قبل أن يقوم به المسلم وضع لكل أمر ضوابطه ومعايير العمل والأخذ به، والذي لو تربينا عليها وعلمناها أبناءنا سنقود الأمم ولن نكون مجرد مقلدين حتى فيما نؤذي به أنفسنا ومن حولنا
الدكتورة إلهام شاهين
مساعد الأمين العام لمجمع بالبحوث الإسلامية لشؤون الواعظات