فى مصر فقط.. اضرب واقتل وانهب وفى النهاية «قعدة عرب وصلح عرفية والمسامح كريم وحسام وإبراهيم»
ما هو السيناريو المتوقع لو كان رقيب الشرطة هو الذى اعتدى بالضرب والركل على مدرب نادى المصرى البورسعيدى، حسام حسن؟ هل كانت الواقعة ستمر مرور الكرام؟ وهل تنظيم «المبرارتية والمتعاطفون» مع حسام حسن كانوا قد طالبوا نجم النجوم أن يتنازل عن المحضر ويسامح رقيب الشرطة ويقبل اعتذاره وينقذه من الحبس؟
لا والله، كانت الدنيا ستقوم ولن تقعد، وكنا رأينا دعوات بتنظيم المظاهرات والمسيرات تطالب بقطع رقاب رجال الشرطة، وتطهير الداخلية من البلطجية وإعادة هيكلتها، وكانت البرامج الرياضية خصصت مدتها الزمنية للاستنكار والاستهجان وإعلان التضامن مع صاحب المعجزات الكروية الذى جلب لمصر بطولات كأس العالم لا تعد ولا تحصى، حسام حسن.
وكنا رأينا، أصدقائى الأعزاء أحمد شوبير، وخالد الغندور، يتفقان معا لأول وآخر مرة على التضامن الواسع والشامل مع حسام، رغم اختلافهما وحروبهما ضد بعضهما البعض، وكنا رأينا مدحت شلبى، يدين ويشجب، وصديقى المحترم حازم إمام، يصرخ مدافعا عن إخلاص وتفانٍ و«وسامة» حسام حسن، والمطالبة بالقصاص من رقيب الشرطة الذى تعدى عليه.
وكنا رأينا النقاد الرياضيين من مؤيدى ودراويش التوأم، ينظمون وقفة على سلالم نقابة الصحفيين، باعتباره هايد بارك شتيمة الدولة ومؤسساتها، وربما تم تسيسها، ووجدنا حمدين صباحى وخالد على، الشهير بخالد «تايتانك» وعلاء الأسوانى وممدوح حمزة ونحانيح الثورة، وحركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، ومجلس نقابة الصحفيين بقيادة يحيى قلاش، ومجلس نقابة الأطباء بقيادة المناضلة ضد الدولة فقط «منى مينا»، ونقابة المحامين، ودكاكين حقوق الإنسان، يعلنون تضامنهم مع حسام حسن وشقيقه.
لكن وبما أن المعتدى عليه، مجرد رقيب شرطة غلبان، فأيضا لابد من أن يفخر بأن حسام حسن الذى تسبب فى ضربة الجزاء أمام هولندا فى كأس العالم التى أحرز منها مجدى عبدالغنى هدفه «المذل الذليل»، قد اعتدى عليه، فاعتداء حسام حسن، بالقول والفعل على أى مواطن بسيط، يعد فخرا وعزة!!
للأسف عندما نركل القانون بأقدامنا، مثل ركل الكرة، فلن يرتدع لا حسام حسن أو غيره، وسيعلو شأن دولة البلطجة شموخا، والحصول على الحقوق بالذراع، بالباطل مرات، وبالحق مرة.
وأسأل البهوات المتعاطفين والمبرراتية، لحسام حسن، لماذا تهاجمون إذن الفنان محمد رمضان الذى جسد دور رفاعى البلطجى، ثم ناصر الدسوقى فى مسلسل الإسطورة؟ على الأقل ناصر الدسوقى لم يخدعنا بأنه النجم والعلامة البارزة للقطر المصرى الشقيق، وتخفى خلفهما، لممارسة نشاط البلطجة، فالرجل كان واضحا ومتسقا مع ذاته، معترفا بأنه بلطجى ومجرم عتيد!
أرى وبكل أريحية، أن ما فعله حسام حسن مع رقيب الشرطة لا يختلف عما كان يجسده الفنان محمد رمضان فى دور ناصر الدسوقى، لا اختلاف بينهما، وأنهما مارسا نفس الفعل، فى مشهد متطابق بين الواقع وأمام بصر الجميع، وبين خيال المؤلف وكاتب السيناريو ومخرج المسلسل.
وأكثر ما أثار دهشتى، ورفع ضغطى، أن المبرارتية، يسوقون تبريرات غبية وسمجة ومقيتة، من عينة أن أبوالكباتن حسام حسن ضحا من أجل مصر، وأسأل هؤلاء المبرارتية المتعاطفين لاإراديا، هل كان حسام حسن وشقيقه إبراهيم يلعبان لمنتخب مصر مجانا ومتنازلان عن مكافأتهما للدولة؟ هل الملايين التى حصدها «حسام» لاعبا ومدربا، دفع بها فى الخزينة العامة للدولة، هل العرق الذى بذله فى «لعبة» لم يحصل مقابلها من الشهرة والمال ما لم يحصل عليه كل علماء مصر؟
نحن نجيد صناعة الفهلوة، وبيع الوهم فى زجاجات، وترديد الشعارات البعيدة كل البعد عن الواقع، لذلك تستطيع أن تقولها وبضمير يقظ ومستريح، يمكن لك أن تضرب وتشتم وتقتل أيضا وتسطو على ممتلكات الغير وترتكب كل أنواع الجرائم ثم تعقد جلسة صلح يحضرها شخصيات عامة وتقبل رأس المجنى عليه وأسرته، وتصبحوا حبايب، وعندها، لا تحدثنى عن دولة القانون أو دولة المؤسسات، ولكن قل: دولة الطبطبة والهشتكة ومعلهش وحقك عليا والمسامح «حسام...!».