حالة من الترقب في دول العالم مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير بعد بدء مرحلة التشغيل التجريبي لأحد أهم الأحداث الثقافية التي سيشهدها العالم خلال العام المقبل، حيث تبلغ مساحته حوالى 300 ألف متر مربع، ويتضمن قاعات عرض تعتبر الواحدة منها أكبر من متاحف في مصر والعالم، ويعد المشروع العملاق أحد أهم الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية خلال السنوات الماضية.
المتحف المصري الكبير أحد أكبر متاحف العالم ويحتوي على قطع أثرية مميزة وفريدة؛ منها كنوز الملك توت عنخ آمون وتُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922، ومجموعة الملكة حتب حرس، أم الملك خوفو، مُشيد الهرم الأكبر بالجيزة، ومتحف مراكب الملك خوفو، ومقتنيات أثرية، منذ عصر ما قبل الأسرات حتى العصرين اليونانى والرومانى، ويضم المتحف أماكن خاصة بالأنشطة الثقافية والفعاليات؛ مثل متحف الطفل، والمركز التعليمى، وقاعات عرض مؤقتة، وسينما، ومركز المؤتمرات، ومناطق تجارية، تشمل محال وكافيتريات ومطاعم، وحدائق ومتنزهات.
مصر تمتلك واحدة من أقدم وأعرق الحضارات التي تكشف مدى عظمة وعبقرية المصري القديم، وهو ما توضحه النقوش المحفورة على جدران المعابد المصرية التي تؤرخ للرصيد الحضاري الضخم والفريد للمصريين القدماء، ومع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير علينا دور مهم في الحشد لاستعادة الآثار المصرية التي تم تهريبها بشكل غير شرعي خارج البلاد، وذلك بعد نجاح جهود الدولة في استرداد نحو 29 ألف قطعة أثرية خلال من البلاد خلال أحداث 2011 والفوضى التي صاحبتها.
المسلات المصرية التي تنتشر في عدد من العواصم والمدن العالمية يجب العمل على استعادتها بشتى الطرق الممكنة لأنها جزء من الرصيد الحضاري للمصريين وحق أصيل لمصر وشعبها، نحن نمتلك ما لا يقل عن 100 مسلة لا يوجد منهم داخل البلاد إلا خمس مسلات فقط.
تعج المتاحف العالمية سواء في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا وغيرها من الدول بملايين القطع الأثرية المصرية التي يجب استعادتها عبر حملة شعبية وطنية بالتعاون مع الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارتي الخارجية والآثار، وذلك لتنسيق المواقف المشتركة وتشكيل أدوات ضغط على الدول التي ترفض إعادة الآثار المصرية التي تعد حق أصيل للمصريين.
نحن نحتاج فعليا لحملات إعلامية وتوعية للمواطنين بأهمية استرداد الآثار المصرية وحشد كافة الجهود والطاقات للضغط على الدول الأجنبية التي ترفض إعادة آثارنا التي تدر ملايين الدولارات على هذه الدول التي تستقطب ملايين السياح سنويا لزيارة المتاحف التي تعج بآثارنا التي تم تهريبها أو إهداءها من حكام سابقين، نعلم أن القرار الأممي الصادر عام 1970 بشأن رد الممتلكات الثقافية إلى بلدانها الأصلية، يمنح مصر ودولا أخرى حق المطالبة باسترداد الآثار المسروقة بعد عام 1970 فقط، لكننا نحتاج إلى تحركات دبلوماسية للمطالبة بتعديل القانون الدولي لاتفاقية اليونسكو الخاص بالممتلكات الثقافية، وإقامة حملات رسمية ومؤتمرات دولية للتعريف بالآثار المصرية، وتشكيل أدوات ضغط للوصول إلى آلية تفاوض لاستعادة القطع الأثرية المصرية.
جهود مقدرة تبذلها الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية لاستعادة الآثار المهربة لكن الأمر يحتاج لحملة وطنية شعبية داعمة لموقف الدول عبر وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمكتوبة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولعل أبرز الحملات التي تحتاج لدعم قوي "حملة استعادة حجر رشيد" التي تقودها لدكتورة مونيكا حنا، عميد كلية الأثار والتراث الحضاري، والدكتور زاهي حواس، عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق.
الموقف المصري في حملة استعادة حجر رشيد قانوني وينبع من أن هذه القطعة الأثرية النادرة لم تخرج بموافقة الحكومة المصرية، ولم تكن ضمن الإجراءات الرسمية أو ضمن نتائج حفائر بعثات أجنبية ولم يتم بيعها أو شراؤها، كما جرى في القطع الأخرى المستردة، وإنما أخذها الإنجليز عنوة من مصر أثناء الحملة الفرنسية عام 1801، بعد مفاوضات بين الدولتين اللتين احتلتا مصر.
الآثار المصرية التي تم إهداءها إلى زعماء وقادة الدول خلال العقود الماضية أو التي تم تهريبها بشكل غير شرعي هي حق أصيل للشعب المصري ويجب على الدول كافة التعاون لاسترداد تلك الحقوق بإعادة الآثار المصرية لأنها حقوق للمصريين لن يتم التفريط فيها، حتى لو استدعى الأمر المطالبة بتعديل بعض القوانين الخاصة باتفاقية اليونسكو الخاص بالممتلكات الثقافية وهي الحملة التي تحتاج لدعم شعبي كبير .. ما ضاع حق وراءه مطالب.