فى العام السادس من الهجرة، صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رحلته إلى مكة معتمراً، زوجته أم سلمة، تلك الرحلة التى رفضت قريش حينها أن يقترب رسول الله وأصحابه من بيت الله الحرام، بعد عقد شروط صلح الحُديبية، ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من وضع بنود الصلح مع قريش "صلح الحُديبية"، قال للصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا"، فلم يطع الرسول رجل منهم، فقد كانوا لا يريدون الانصراف دون أن يعتمروا، فكرر النبى محمد صلى الله عليه وسلم، الأمر ثلاثا، ولم يجبه أحد، فغضب واحمر وجهه، ودخل على أم سلمة، فعرفت غضبه من طلعته، فسألته عن السبب، فقال: "هلك القوم لا يريدون أن يطيعوا أمر الله ورسوله"، فما كان من أٌمِّنا أم سلمة الزوجة الرشيدة صائبة الرأى إلا أن هدأت من روع زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخففت الأمر عليه، وقالت له يا رسول الله: "اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة، حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك فيحلق لك، فإن فعلت ذلك فعلوا مثلك، وقد كان ففعل المسلمون مثلما فعل رسولهم وعادوا إلى صوابهم".
الشاهد من ذكر هذا الموقف أخذ عبرة الاقتداء، أن الصحابة فعلوا كما فعل النبى، وهذا ما أطلبه منك أيها الأب وأيتها الأم أن تربوا أبناءكم بالقدوة فافعلوا أمامهم ما تحبون أن يفعلوا هم، وتجنبوا أمامهم قول وفعل ما لا ترضون من القول والفعل، فلا تطلبا منهم مثلا ألا يمسكوا الموبايل بينما أنتما تمسكانه ليل نهار، ولا تطلب من ابنك ألا يدخن بينما أنت تدخن أمامه كلما رآك، لا تطلبى من ابنتك ألا تذكر أحدا بسوء بينما أنت تتكلمين عن "فلانة وعلانة"، خلاصة القول "لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك إذا فعلت عظيم "، فالتزم الصدق، وتحلى به فى جميع أحوالك ومواقفك، ولعلّ نهيك عن خُلقٍ ما، وإتيانه بعد ذلك فهذا والله أمرٌ منافٍ للقدوة التي ينبغي أن تربى أبناءك عليها، ولن يكون مردوده على أبنائك بالخير.