عام جديد نتطلع فيه إلى رحمة الله أن يسبغ ستره على عالمنا الذي أنهكه الوباء والأزمات الاقتصادية والإنسانية ، ولكن علينا ونحن نرفع أيدينا بالدعاء إلى الله أن نكون كما يحب ويرضى سبحانه وتعالى ، وأن نحاول استعادة ما افتقدناه من سلام نفسي وصدق وأمانة ، ولعل الأمانة كقيمة غالية تؤدي بالضرورة إلى كل القيم الأخرى الراقية.
نحن في عالمنا العربي والإسلامي والشرقي نواجه تحديات كبرى ، بسبب الانفتاح الكبير عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وهما رغم فوائدهما الكبيرة إلا أن ما ينقلوه إلى مجتمعاتنا من قيم وأخلاقيات خطيرة على قيمنا وأخلاقنا ، وأصبح التصدي لها بمثابة معاناة من الدول التي لازالت تتمسك بمبادئها وتقاليدها وعاداتها ، وقد أصبحت تلك الدعوات الغريبة تداهمنا عبر كل الوسائل التي لا ضابط لها ولا رابط !
أشعر بحزن شديد حين تلتقط صفحاتي بعض الڤيديوهات لأسر بسيطة ، تعرض بيوتها وطعامها وعلاقاتها الأسرية على الملأ ، وسط أطفالهم وأمهاتهم وزوجاتهم ، وهم يستعطفون المشاهدين أن يعلقوا أو يتابعوا أو يبدوا الإعجاب ويبتذلون في سبيل ذلك ابتذالا مخزيا ، وكلها أمور غريبة علينا ، حتى فقدنا مفهوم الستر والتعفف والرضا ، وهي القيم التي تربى عليها هذا المجتمع الذي ظل محافظا على اعتداله وتدينه وقيمه النبيلة.
من ناحية أخرى ، أصبحت المسابقات والمؤتمرات الدولية تشترط أمورا مرفوضة في مجتمعاتنا مثل الجهر بالعلاقات الخاصة وتداول الخمور و قبول المثلية وغيرها من القيم الشاذة والغريبة علينا ، وأصبحت بلادنا بين أمرين كلاهما صعب ، فإما الإنغلاق ورفض ما هو وارد من سلبيات مرفوضة ، أو القبول بما يشكله من خطر داهم على مواطنينا ، وهي معضلة صعبة لا يعلم عواقبها سوى الله ، تحتاج جهدا هائلا من ولاة الأمور . وقد رأينا تلك المحاولات أثناء إقامة كأس العالم في الدوحة وما صاحبه من مظاهر لتمريرها ، حتى أن دولا قد منعت عرض المباريات في الأماكن العامة على الرغم من مشاركة منتخباتها اعتراضا على الإجراءات القطرية !
نحن إذن أمام مفترق طرق ، يجب أن نتنبه فيه جيدا لما يحيط بنا ، وربط تلك المحاولات بالحريات وحقوق الإنسان ، بل ربما يصل إلي المساعدات التي تقدمها الدول الكبرى للدول النامية من أجل فرض رؤيتها الغربية!
لكن حكومات الدول وحدها ليست كافية لمواجهة تلك الأخطار القادمة ، فالشعوب أيضا عليها دور خطير ، وهو الوعي والتوعية التي تحمي قيم المجتمع من التهاوي ، فدور الأسرة مهم ، ودور المدرسة والجامعة مهم ، ودور الإعلام شديد الأهمية ، ودور الفن خطير ، كل هذه الأدوار يجب أن ينتبه أصحابها للخطر القادم إلينا من الغرب وأن تجمعها رؤية واحدة محددة وموحدة الأهداف حتى نواجه هذا الخطر القادم من الغرب ، والذي هو أخطر من كل الحروب والجيوش … لهذا نحن نتطلع إلى ستر الله ورحمته في تلك الأيام وهذا العام وما تلاه .