عند تأمل حجم التطور فى العالم، على مدى قرون نكتشف أن التقدم تم على مراحل طويلة، وكلما تقدم العالم تتسارع قدرة البشر على اختصار الوقت والجهد.
وفى عصر المعلومات والتكنولوجيا، ومنذ الثورة الصناعية تتضاعف قدرة البشر على الإنتاج الكثيف، بما له من ميزات وعيوب وإنتاج للصراعات، فضلا عن الأعراض الجانبية للتقدم، على البيئة والكرة الأرضية.
ثم إن عصر التكنولوجيا ضاعف من قوة البشر على تدقيق الحسابات والتنبؤ بشكل ومستقبل العالم، لكن عصر التقنية والإنتاج هو أيضا عصر المنافسة والتغير المناخى.
من أهم ميزات الفعاليات الدولية والإقليمية أنها تصنع نوعا من تبادل الأفكار والخبرات، خاصة عندما يتم طرح الأفكار بعيدا عن الشكل التقليدى، الذى يتضمن كلمات منمقة ومجاملات.
ومن هنا يمكن اعتبار القمة العالمية للحكومات التى اختتمت فى دبى، نوعا متطورا من الفعاليات، لأنه يخلو من التقليدية، ويطرح أفكارا مبتكرة، ويسمح بالبحث والتفكير بعيدا عن الطرق والمسارات المكررة.
الفعاليات مثل القمة العالمية للحكومات تتيح فرصا للمزيد من التفاعل بين الأفكار، وفرصة لتسليط الضوء على الابتكارات والأفكار الجديدة، فضلا عن دور تلعبه اللقاءات والمتابعة الشخصية للأفكار.
بالطبع فإن الأفكار لا تكون متشابهة أو متطابقة، وطبيعى أن يكون هناك تنوع فى وجهات النظر، أو اختلاف فى الأفكار، لكن هذا التنوع والاختلاف يمكن أن ينعكس إيجابيا، فى حال تحول إلى حوار وليس إلى مونولوجات فردية، أى صراعات، حيث يتحول التنوع إلى ميزة وقيمة مضافة تقرب المسافات بين الأفكار.
وربما يكون أهم ما يقدمه عصر المعلومات هو الأمل فى اختصار الوقت الكافى لإنجاز الأعمال ومواجهة المشكلات، وبقدر ما يعد عصر التكنولوجيا بالكثير من الحلول للمعادلات والقضايا المعقدة بقدر ما يسمح لبعض الفقاقيع أو المدعين بالظهور وإيهام غيرهم بالفهم، وبقدر ما يتيح عصر المعلومات فرصا للتعرف على مواهب وابتكارات، أيضا يكشف عن ظواهر لأوهام وصناع أوهام، وقد تكون ميزة المنتديات التفاعلية أنها قد تسهل التفرقة بين الجاد والوهمى.
وقد شهدت القمة العالمية للحكومات تطورا نوعيا على مدى السنوات العشر منذ إطلاقها، حيث انتقلت من العام إلى الخاص، وتسعى عاما بعد آخر إلى إضافة جديد، مثلما يحدث أيضا فى منتدى الإعلام العربى الذى ينظمه نادى دبى للصحافة، ويمثل إحدى نقاط ومراكز مناقشة وصناعة الوعى فى الإعلام والصحافة.
القمة العالمية للحكومات أيضا تتيح طرح الأفكار المتعلقة بالإدارة والحكومات بشكل ومضمون تفاعلى، خاصة فى البحث عن أفكار فيما يتعلق بتطوير التعليم والخدمات الصحية وربط التعليم العالى والمتوسط بالتوظيف.
القمة تتفاعل وتمنح جوائز لمشروعات إدارية ناجحة تدخل فى سياق الابتكارات، وإذا كان الهدف من عمل أى حكومة هو توفير الخدمات للمواطنين، وتطوير جودة الحياة، فإن القمة العالمية للحكومات تطرح هذه القضايا بشكل مبسط يسهل الفهم والتفاعل، ثم إن التكريم يتم لابتكارات ضمن مشروع ابتكارات الحكومات الخلاقة، الذى أطلقه الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس الوزراء، فى نسخته الخامسة، وهذا العام تحت شعار «الطبيعة تقود المستقبل»، ويتم تقديم تجارب تواكب التطورات، ومنها 9 مبادرات وحلول مبتكرة طورتها الحكومات، تم اختيارها من 9 دول، هى: الولايات المتحدة الأمريكية، وصربيا، وإستونيا، وفنلندا، وفرنسا، وسيراليون، وتشيلى، وكولومبيا، وهولندا.
وتهدف منصة ابتكارات الحكومات الخلاقة إلى عرض أبرز التجارب الحكومية المبتكرة من مختلف دول العالم، حيث تم اختيار هذه الابتكارات من بين 1000 مشاركة من 94 دولة، ويتم تقييم المشاركات بالاعتماد على 3 معايير رئيسية، هى: الحداثة، والقابلية لتطبيق هذه الابتكارات، وأثرها فى معالجة التحدى ومدى مساهمته فى خدمة الناس وتحسين حياة أفراد المجتمع.
كل هذه الأفكار مهمة وقادرة على تحفيز الابتكار والاستفادة منه والبحث عن مساحات مشتركة بين الدول والشعوب، بما يسهل التقارب والتفاعل، ومن هنا يمكن اكتشاف ميزات الفعاليات التى تعلى من قيمة الابتكار، أو التى تقدم أفكارا وخبرات، وهى ميزة توفرها هذه الفعاليات بما تتيحه من فرص للحوار والتفاعل، وهو ما نراه فى القمة، وأيضا فى الواقع لأن الدول تحتاج إلى الأفكار ربما أضعاف ما تحتاجه من أموال.
وهو ما يمكن أن تقدمه أفكار أو خبرات يتم تبادلها والتفاعل معها لإنتاج حلول وابتكارات من أجل إسعاد البشر.