بعد انتشار وسائل الحداثة واتباع ثقافات أجنبية قتلت أجمل ما فينا، وليس هناك أجمل من هويتنا وروح العائلة وتوقير الآباء، وما أود الإشارة إليه فى مقالنا، هو الأب الذى أصبح لدى البعض مجرد فيزا كارد، فلا توقير كما كان، ولا بر كما أمر القرآن، والمحزن أنه فور الاستغناء أو الاستقلال فلا بر ولا إحسان ولا زيارات إلا مرات معدودة بحجة الانشغال ومسؤوليات الحياة.
فيا عزيزى، ما أنت به من صنيعته وغرسه وزرع يديه، فاحرص على أن تضع صورته فى لب قلب وعقلك، فهو الإنسان الوحيد الذى يتمناك فى القمة وأفضل منه، والوحيد الذى لا يغلق بابه فى وجهك سواء فى حياته أو بعد وفاته فأنت دائما فى عنايته.
واعلم، أن برَّ الأب ليس قُبلة تضعُها على جبينه أو يده، أو أموالا تضعُها فى جيبه، وإن كان هذا من البرِّ، لكن لا يجب أن تختزل البرَّ فى تلك الصور فقط، فالبرَّ هو حياة تبعثُها فى كل عمل تقدِّمه لأبيك من مال ومودة وتوقير وسؤال واهتمام واجلال ورعاية، وآية قرانية، (هَلْ جزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)
فالأب يا عزيزى شمس لا تغيب، تُحيطك عنايته فى كل مواقفك، وترعاك عَيناه أينما كنت، يفرح بنجاحك، ويتمنى لك الخير والأمان أينما حللت، وحتى وإن رحل يظل معك بما قدمه لك من تربية وجهد ومال واسم، وتظل سيرته تحيطك فى كل مكان ، وذكراه تحدوك فى وجه كل مَن عرفه.
فعليك أن تجعله أمامك دائما، ولا تخجل من بساطته فأنت نتيجة لرحلة كفاحه المروية بالجهد والعرق، فإن أكرمك الله برزق وفير أو علم غزير فهذا من رزق الله له كما هو رزق من الله لك، فهو شريك لك فيما تمتلكه بل هو المالك ( فأنت ومالك لأبيك ).
ولا تنسى يا عزيزى، إذا كان هو الأب الآن، فأنت الأب غدا، فإن زرعت خيرا وبرا وأنت ابن حصدت خيرا وبرا وأنت أب ( كما تدين تدان ).
فالآباء يا سادة خزائن مغلقة والمفتاح البر والإحسان .. فاكرموا آباءكم ، أحياءً وأمواتا.. بارك الله فى كل أب حيا ورحم اللهم كل أب متوفيا..