الصور التى نشرتها وكالة الأنباء السورية- سانا - وصول السفينة الحربية المصرية إلى ميناء اللاذقية السورى حاملة أكبر شحنة مساعدات من الشقيقة الكبرى مصر بحوالى 500 طن مساعدات غذائية وطبية وغيرها، كانت تعبر عن الموقف الرسمى والشعبى المصرى من الأشقاء فى سوريا الحبيبة. ليس فقط فى الظروف الصعبة الحالية فى سوريا عقب وقوع الزلزال المدمر فجر الاثنين قبل الماضى. وأسفر حتى الآن عن حوالى 6 آلاف ضحية وآلاف المصابين، وانما فى كافة المواقف التى تعرضت لها سوريا فى أوقات الشدائد والمحن
مصر كانت من أوائل الدول التى سارعت بتقديم مساعدات وأطقم الإغاثة عقب تعرض سوريا للزلزال بتوجيهات مباشرة من قائدها الرئيس عبد الفتاح السيسى بتسيير 5 طائرات إغاثة إلى سوريا وتركيا منها 3 طائرات إلى محملة بالمواد الإغاثية والطبية إلى دمشق لدعم الشعب السورى والمتضررين منه.
ولم يتوقف الأمر عن حد المساعدات الغذائية والطبية فقط فقد ساهم فريق مصرى من 17 طبيبا ومقدمى خدمة صحية ومتخصصين فى رفع الأنقاض وإنقاذ وانتشال الضحايا. الفريق المصري- كما صرح السيد محمد الشبلى مدير إدارة الإعلام فى الدفاع المدنى السوري- هو الوحيد الذى تمكن من الدخول إلى مناطق شمال وغرب سوريا. وقدمت عدة منظمات سورية وإغاثية الشكر للفريق التقنى المصرى الذى يقدم ملحمة إنسانية من وقت وصوله إلى الجانب السورى خاصة المناطق الشمالية والتى تزداد فيها الأضرار بشكل كبير.
ما بادرت به مصر لمساعدة الشقيقة سوريا جعل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تشيد رسميا بجهود مصر لإنقاذ ضحايا الزلزال فى سوريا. وقالت المفوضية عبر حسابها الرسمى على "تويتر": "بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن مصر أول فريق دولى يصل إلى سوريا ليقدم الدعم والإغاثة للمتضررين من الزلزال.. شكرًا لشعب وحكومة مصر على الدعم الدائم".
لا ولم تتخلى مصر أبدا عن أشقائها وقت الأزمات، فما بالك لو كانت الأزمة فى الشقيقة سوريا جناح الوحدة الشمالى فى نهاية الخمسينات وبداية الستينات. وما يجمع البلدان الشقيقان من تاريخ نضال مشترك من " عين جالوت" وحتى معركة التحرير فى أكتوبر – تشرين 73
رغم الحصار على سوريا وسلاح العقوبات الظالم المفروض عليها لم تنتظر القاهرة إشارة الاذن لمساعدة سوريا جوا وبحرا. فالدول التى قدمت حتى الأن أكثر من 150 مليار دولار لاستمرار الحرب الروسية الأوكرانية لم تقدم سوى 85 مليون دولار للمساعدات لسوريا وتركيا معا...!!
وصلت المساعدات المصرية والعربية فى وقت تمتنع الدول الغربية والأوروبية عن تقديم أى مساعدة إنسانية إلى سوريا والمتضررين من الزلزال بسبب خضوعها لقانون العقوبات الأميركى اللاإنسانى ضد دمشق.
ردة الفعل الايجابية من دمشق على موقف القاهرة والتصريحات الرئاسية والحكومية السورية بالشكر والتقدير للدعم المصرى لسوريا فى مواجهة تلك الكارثة، سوف يكون لها مردود إيجابى فى القريب العاجل. مصر 30 يونيو قد أعادت الحقائق التاريخية إلى وضعها الطبيعى وأوضحت أن ما حدث فى فترة تولى اخوان الشياطين القصيرة لم تكن سوى جملة اعتراضية وغمة وسحابة سوداء عارضة بين دمشق والقاهرة. فقد أكدت مصر منذ اللحظة الأولى بعد زوال حكم الاخوان على الدولة الوطنية السورية والحفاظ على حدودها وجيشها وهو بالمناسبة مازال يحمل اسم " الجيش العربى السورى الأول" منذ أيام الوحدة. والجيش الثانى والثالث فى مصر.
التقدير والاشادة بالمواقف العروبية المصرية من القيادة السورية يعيد إلى الذكرة الشعبية فى البلدين الشقيقين أيام وليالى وسنوات الوحدة السورية المصرية رغم قصر مدتها – 3 سنوات فقط- وتستعيد الذاكرة مع صور الطائرات والسفينة الحربية المصرية فى ميناء اللاذقية السورى أصداء صوت الشحرورة صباح وهى تشدو :"«من الموسكى لسوق الحميدية أنا عـارفة السكة لوحديه، كلها أفراح وليالى ملاح وحبايب مصر يا سورية، بأمان وسلام وبشوق وغرام ح نغنـى نشيد الحرية، والكلمات للشاعر الجميل مرسى جميل عزيز والالحان للموسيقار فريد الأطرش. وهما أيضا من سطرا للشحرورة أغنية لعيد الوحدة :" حموى يا مشمش بلدى يا مشمش، عيد وحدتنا ملا سكتنا، وفرش بيتنا زهر المشمش، شرفت يا عيد وآنست يا عيد يا فرح يا جديد على حب جديد"
ولا أظن أن أحد ينسى موقف الإعلامى السورى «الهادى البكار» الذى كان يعمل فى إذاعة دمشق أثناء غارات العدوان الثلاثى على مصر 1956، وهى الغارات التى أدت إلى قطعت خطوط الإذاعة المصرية، فقد فاجئ كل المستمعين للإذاعة السورية بصوته يقول :" هنا القاهرة من دمشق، هنا مصر من سورية، لبيك يا مصر"
ليست قصة مساعدات بل هى قصة ملحمة عروبية وتاريخ كفاح ومشترك طويل جسدته وعمدته دماء ممزوجة تدفقت من الشمال السورى وحتى الجنوب المصرى. هذه ببساطة الحكاية المصرية السورية.