مشهد اصطفاف الآلات والمعدات والعمال أمس أمام الرئيس وكبار رجالات الدولة وممثلي وسائل الإعلام على شاطئ القناة يستحق من فكر فيه ونفذه الإشادة والتحية، المشهد دليل على عقل حاضر وذكاء متّقد استدعى من الماضي المجيد المشرق لحظة الاصطفاف الأكبر والأبهى في تاريخ مصر يوم السادس من أكتوبر عام 1973، اللحظة التي غيرت وجه التاريخ السياسي والعسكري في المنطقة والعالم وأطاحت بأوهام وأكاذيب كثيرة في قوتها وعنفوانها.
كانت لحظة ومشهد اصطفاف الجيش بكامل عدته وعتاده ومن خلفه الشعب بكافة طوائفه وانتماءاته من أجل معركة الكرامة والفداء والشرف والتضحية بالغالي والنفيس لاستعادة الأرض في سيناء العزيزة مهما كان حجم التضحيات.. فالنصر أو الشهادة، وكتب الله لنا النصر بعزيمة الرجال السمر الشداد، وبصبر ومثابرة ودعم الشعب لجيشه.
مشهد اصطفاف الأمس كان استدعاءً رائعا وذكيا لمشهد الماضي على خط القنال، فقد تداخلت صور الجنود والسلاح يوم العبور للقتال والتحرير مع صور العمال والمهندسين والمعدات في يوم العبور للبناء والعمران واستكمال التنمية الشاملة في سيناء.
وكما روت الدماء الذكية الطاهرة في أكتوبر ضد الاحتلال الإسرائيلي أرض الفيروز في معركة التحرير واستمرت حتى اقتلاع الإرهاب من جذوره، فالآن تدور المعدات والآلات لمد جسور وشرايين التنمية بعرق آلاف العمال من أبناء مصر وسيناء على وجه الخصوص.
مصر تعبر من 8 سنوات إلى آفاق الدولة والجمهورية الجديدة، رغم كافة الصعوبات والتحديات من أوبئة وحروب وضغوط اقتصادية.. والعبور هذه المرة إلى سيناء الخير والنماء للبناء والزراعة والصناعة ومد الجسور والأنفاق والطرق وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات وتطوير الموانئ والمطارات.
الاصطفاف هذه المرة أيضا يغير الحقائق التاريخية التي رسخت واستقرت في العقول، فبوابة الشرق في سيناء لن تعد بعد الآن ممرا للغزاة وبوابة لرياح الشر الذي يهب على مصر من زمن الهكسوس وحتى زمن الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب، فهو اصطفاف للخير والنماء واستقرار البشر.
الحلم يتحول إلى حقيقة، فلم يعد هناك وقت لبيع الأوهام كما حدث في الماضي من كلمات خادعة وأرقام وهمية وخطط غير موجودة لتنمية سيناء.. ما يحدث في السنوات القليلة الماضية على أرض الواقع في سيناء يؤكد أن الحلم بسيناء الجديدة بات قريبا وقريبا جدا.
فالعام الجاري -وكما قال الرئيس السيسي بالأمس- سيدخل إنتاج الأراضي الزراعية المستصلحة في سيناء إلى الأسواق ليساهم في سد الفجوة الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي مع باقي المشروعات الأخرى في توشكى والدلتا الجديدة.
سيناء هي أرض الخير المباركة والكنز الذي تعبر إليه مصر الآن بجنود التعمير وسلاح البناء.