ليس معنى إتقان فنان لدوره أنه بذلك يعد محرضاً ومفسداً للأجيال
شاهدته فى مسلسل السندريلا منذ سنوات، وهو يجسد دور أحمد زكى، رحمه الله عليه، ولفت انتباهى وقابلته بعدها فى أحد المهرجانات السينمائية، وقت أن كنت أعمل بوزارة الثقافة وصافحته، وهنأته على هذا الدور تحديدا فشكرنى، وما لفت انتباهى يومها أنه عزيز النفس وأسلوبه فى الحوار هادئ ومتزن، مرت السنوات وعملنا معا فى مسلسل كاريوكا مع المخرج عمر الشيخ إلا أننا لم نتقابل فى أى مشهد وإحقاقاً للحق كان أداؤه جيدا، وتوالت أدواره فى البطولات السينمائية وحققت نجاحاً كبيراً، إلى أن قام ببطولة مسلسل ابن حلال الذى عرض فى نفس العام الذى كان يعرض لى به مسلسل المرافعة، وذات ليلة وجدته يهاجم المرافعة قائلا بالنص: ابن حلال مستوحى من الواقع وأيضاً المرافعة ولكن الأول حقق مشاهدة كبيرة بينما المرافعة لم يحقق!! وكان منطقه ليس الهجوم علىّ بقدر الدفاع عن مسلسله الذى اتهمه المذيع بأن نسبة المشاهدة جيدة، لأنه مأخوذ عن قصة حقيقية، شعرت بالضيق وعلى الفور هاجمته قائلا فى أحد البرامج نصا: «يا رمضان ما تتخطاش حدودك ومعايا أنا بالذات» بالطبع تناقلت تصريحى كل المواقع والصحف وإحقاقا للحق لم يرد هو بالمرة إلى أن تقابلنا مع صديق مشترك هو المنتج محمد السبكى وتصافينا، وكان للحق فى قمة الأدب والأخلاق وبرر تصريحه الذى وصفه بأنه غير مقصود بالمرة، وأنه ليس أكثر من حماس زائد كحماس حسام حسن بالملاعب.
هذا هو تاريخى مع النجم محمد رمضان والذى قصدت من خلاله تبرير القادم من المقال حتى لا يتصور البعض أننى أجامله أو شيئا من هذا القبيل، لا سمح الله.
شاهدت مسلسل الأسطورة مثل الملايين غيرى على مستوى العالم العربى، وأيقنت بعد الحلقة الثانية أننى أمام ظاهرة جديدة على مستوى عبد الحليم حافظ وعادل إمام وعمرو دياب والخطيب، ظاهرة جماهيرية مرعبة تظهر بمصر أم الظواهر وتتأكد فى رمضان 2016، لست وحدى الذى يرى هذه الظاهرة فتستطيعون حضراتكم أن تتأكدوا بأنفسكم إذا نزلتم إلى الشوارع والحوارى وسألتم الناس.. رمضان نجم الناس الذى يحقق أحلامهم.. رمضان يلعب بتيمة الزعيم الذى خرج علينا بالچينز وحقق أحلام الغلابة فى ثمانينيات القرن الماضى.. رمضان توحد مع جمهوره وعرف الطريق إلى قلوبهم وتربع عليها ببساطته، وأداؤه المقنع وعلى الرغم من هذا لم يسلم من الهجوم والاتهامات التى كان أهمها أنه مفسد الأجيال!! لو سلمنا لهذا الاتهام إذن فالنجم يحيى الفخرانى بمسلسله ونوس يعد مروجا للشيطان نفسه!! والنجم الكبير عادل إمام بمسلسله العراف يعد داعية النصب بين جماهيره من المحيط للخليج!! وقس على ذلك أفلام كلاسيكية فى تاريخ السينما المصرية على سبيل المثال وليس الحصر: جعلونى مجرما والكيف والعار وسلام يا صاحبى والمولد واللص والكلاب والفتوة والإمبراطور وحنفى الأبهة وملاك وشيطان وغيرها من الأفلام السينمائية العظيمة.
الدراما ليست درسا فى الدين والأخلاق، فدورها عكس صورة المجتمع مهما بلغت من قباحة على الشاشة، وليس معنى إتقان فنان لدوره أنه بذلك يعد محرضاً ومفسداً للأجيال، بل على العكس تماماً فهو فنان موهوب استطاع التأثير فى المشاهد وإقناعه بالدور الذى يقدمه، علينا البحث عن النقاط الإيجابية، وعلينا الوقوف خلف أى نجاح مصرى وعلينا الحذر وعدم الانسياق وراء عناوين دون أدنى تفكير، وقبل ذلك كله علينا مشاهدة الأعمال لتكون أحكامنا مبنية على قناعة تامة لا على عناوين ومانشيتات رنانة.
أخيراً شكراً رمضان على عودة المسرح الخاص، الذى كان نجاحك عليه منذ أول أيام عيد الفطر، وحتى كتابة هذه السطور أكبر دليل على نجاح الأسطورة، فالجماهير لا تكذب والإيرادات قالت كلمتها وإلى مزيد من التألق، انتهى.