عشرون عامًا مرت على الغزو الأمريكى للعراق، ولا شىء يقال بعد سنوات من الحسرة والهدم ومحاولات العودة للحياة، فقد زرتها قبل شهور ووقفت على نهر دجلة بماءه المنحسر فتذكرت قول الجواهرى شاعرها الأكبر: "يا دجلةَ الخيرِ قد هانت مطامحُنا..حتى لأدنى طِماحِ غيرُ مضمون"، ورأيت فى بغداد ما يراه الإنسان فى عين الحبيبة التى جار عليها الزمن وعاندتها الأيام: وجه شاحب وقلب ممزق وجسد يلملم جراحه طمعًا فى النهوض مجددًا، لم أستطع لوم أهلها فهم أجمل ما فيها بتفاؤلهم وقدرتهم على الصمود وإصرارهم على الكرم رغم تقلب الأحوال، واليوم لا نستطيع التعاطى مع كل هذه المذكرات والاعترافات التى تروى اللحظات الأخيرة والكلمات الأخيرة قبل السقوط سوى بمزيد من الألم والحسرة.. سنترك لكتبة التاريخ لذة مطاردة الحقيقة.. ونحن سنصدق فقط من يعيد لنا بغداد الجميلة.