"سيدة نائمة على الأرض وأوراق كثيرة مبعثرة حولها في كل مكان.. اقترب أكثر منها لأجد أنها مذكراتي الخاصة بمادة الجغرافيا وقت امتحانات الثانوية وملخصة في عشرات الأوراق".. هذا المشهد لا يغيب عن بالي وكثير من المواقف غيره مرتبطة بذهني ولا تغيب كل عام مع حلول احتفالات عيد الأم أو أي موقف مرتبط بأمي.
الأم ليست كلمة تقال، ولكنها تراكمت سنوات طويلة ومواقف لا تنسى من المهد إلى اللحد، وأجد أن أكثر هدية يمكن أن أقدمها لأمي في هذا اليوم أن أذكرها بموقف اعتقد أنها لا تتذكر منه شيء ولا تتذكر غيره، لأنها حينما أقدمت عليه لم تقم به لشيء غير فطرتها الجياشة في الخوف على مستقبل ابنها المقبل على امتحانات الثانوية وتحديد مستقبله.
في هذا اليوم على وجه الخصوص كانت ليلة امتحان مادة الجغرافيا والفاصل بين الامتحان والآخر فترة قليلة لم استطع معها تجميع كل ما يخص المادة، وبدأت اشعر بالانهيار وأني سأفقد الكثير من الدرجات، وبطبيعتها أمي لم تكن تتركني في صغيرة ولا كبيرة وأخذت تهدئ من روعي وتطمئني ولكن قابلت خوفها وتهدئتها لي بفظاظة وتشاجرت معها وتركت مذكراتي وخرجت لا أبالي من أول اليوم تقريبا إلى آخره.. وبعد رجوعي للمنزل متأخرا وجدت هذا المشهد.
"أمي نائمة على الأرض واستغرقت الليل كله تلخص لي المادة كلها في بضع ورقات حتى آخذها على الجاهز".. فما كان مني إلا أن بكيت وأيقظتها ودار بيننا حوارا أحتفظ به لنفسي، وجلست أذاكر كل ما لخصته لي في هذه الليلة، ودخلت الامتحان ووجدت معظم ما ذاكرته في الامتحان.. و"كأن الله أكرمنى من أجلها".