فعل الخيرات ومساعدة الغير، دون الحاجة أو انتظار نظير لهذا سواء مادى أو معنوى ولو حتى كلمة شكر، هو أمر ليس باليسير على كل الناس، فى زماننا هذا، الأمر يحتاج مجاهدة النفس لمساعدة الغير لا لشيء وإنما – لوجه لله -، وعدم التحجج بمقولات من قبيل "وأنا مالى، وماذا أستفيد"، وغيرها من العبارات التى يرددها فقط من يتنصل من مساعدة الغير، ناسيًا أنه عما قريب ربما يكون فى أشد الاحتياج لغيره، الأخطر من ذلك من يقف أمام مساعدة الناس بعضهم بعضًا – لأسباب تختلف من شخص لآخر ولا داعٍ لذكرها هنا.
لا يُشترط فى الشخص الذى يُعطى ويساعد أن يكون من ذوى الأموال والأملاك أو النفوذ، على العكس ربما هناك أُناس لا يملكون فائضا من المال لتوزيعه على المحتاجين، ولا يملكون من النفوذ والمعارف والوساطات، حتى يتثنى لهم تسهيل أو "تخليص" حوائج من حولهم، ولكن تدفعهم فطرتهم وغريزتهم نحو حب الخير للغير، ومساعدة الآخربأقصى ما يملكون ولو بـ "كلمة"، ولو بدعم وتشجيع معنوى فقط.
مساعدة الغير لوجه الله، لا ينساها من قُدمت إليه المساعدة، وربما كانت سببًا فى أن تجعله يساعد غيره ويسعى فى قضاء حوائجهم، لأنه وجد من يساعده، وبمساعدتك للغير وإسعادهم أنت بذلك تٌسعد نفسك أولاً، فالسعادة الحقيقية كما يقول علماء النفس والاجتماع تكمن فى منحها ومشاركتها مع الآخرين، وتقديم المساعدة لهم بأى شكل من الأشكال.
أذكر موقفا حدث معى شخصيا.. منذ فترة ليست بالقريبة، كنت قد أنهيت عملى فى ساعة متأخرة من الليل، واتجهت نحو سيارتى التى تركتها فى مكان يبعد عن "الجورنال" نحو 200 متر، ودفعت مقابل الانتظار لحارس العقار الذى تركت السيارة أمامه، فهو "سايس" المنطقة أيضًا، وبعد أن أدرت محرك السيارة فوجئت بتلف أحد الإطارات الأمامية، وقفت حائرًا لأن آلة الرفع "الكوريك" تالفة هى الأخرى، ويصعب معها رفع السيارة لاستبدال الإطار، فإذا بحارس العقار وصديق له يهرولان نحوى ويساعدانى فى استبدال الإطار وفوجئا بتلف "الكوريك"، لكنهما لم يضجرا لذلك وظلا معى نحو نصف ساعة حتى استبدال الإطار، وحاولت إعطائهما مبلغا بسيطا من المال إلا أنهما تمسكا بالرفض التام، وقال أحدهما "عايزنا نقبل ثمن مساعدتك لوجه الله.. المحبة تُستُر يا أستاذ".