كيف أسهم أجداد أردوغان فى ذبح مسلمى غرناطة؟
اضطهد الإسبان الموريسكيين اضطهادًا لا نظير له، فنسفوا مساجدهم، وقتلوا نساءهم وأطفالهم وتعرضوا لحرب إبادة مكشوفة، لأن الموريسكيين فى نظر الإسبان مجرد عبيد ورقيق. وأخيرًا وضع الموريسكيون المغلوبون على أمرهم أمام أحد خيارين: إما التنصير القسرى، أو التهجير خارج إسبانيا، وانسحب هذا الأمر إلى مدجنى قشتالة وليون، هذا الاضطهاد الذى رصده الباحث خليل إبراهيم السامرائى فى بحثه الرائع عن سقوط الأندلس فقال: ونتج عن هذه الأحداث، تحويل مسجد غرناطة إلى كنيسة، وكذلك حول مسجد البيازين إلى كنيسة ومدرسة سميت «كنيسة المخلص» وفى مدينة غرناطة نُصِّر قسرًا أكثر من خمسين ألف شخص، كما أجبر مسلمو الأندلس على لبس السراويل والقبعات، وأجبروا على ترك لغتهم وتقاليدهم وأسمائهم العربية، وحملوا على اعتناق المسيحية، واستعمال اللغة والتقاليد والأسماء الإسبانية.
وعلى الرغم من كل وسائل العنف والإرهاب التى استعملتها السلطات ومحاكم التفتيش فى تنصير الموريسكيين، إلا أنهم استمروا فى ممارسة شعائر دينهم بصورة سرية، فكانوا يؤدون فروض الصلاة سرًا فى بيوتهم، وكانوا يغلقون بيوتهم يوم الأحد موهمين السلطات بأنهم ذهبوا إلى الكنيسة، وعندما يتم تعميد أطفالهم فى الكنائس يبادرون إلى غسلهم بعد رجوعهم إلى بيوتهم مباشرة، وكانوا يعقدون حفلات الزواج على الطريقة الإسلامية سرًا بعد إجراء الاحتفال العلنى فى الكنيسة. ولهذا أصبحت تعاليم الإسلام وممارساته تقاليد موروثة، يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلًا بعد جيل فى حلقات مغلقة، لها صفة المجالس السرية. وقد تعرض بعض هذه الأسر إلى الاضطهاد والإبادة بسبب زلة لسان من صبى يعيش حالة الازدواجية.
وبعد فشل ثورات الموريسكيين فى داخل إسبانيا، أرسلوا استغاثتهم إلى إخوانهم المسلمين لعلهم يساندونهم فى محنتهم، ومن هذه الصرخات:
أولا: استغاثات الموريسكيين بعدوة المغرب، حيث بعث الموريسكيون باستغاثتهم إلى عدوة المغرب، لأن المغرب أقرب البلاد الإسلامية لهم، إلا أن الحالة السياسية المفككة للمغرب فى هذه الفترة منعته عن إرسال النجدات إلى الأندلس، كما كان سابقًا. ثانيا: استغاثات الموريسكيين بالخلافة العثمانية، حيث أرسل الموريسكيون استغاثتهم الأولى إلى السلطان بايزيد الثانى سلطان الخلافة العثمانية «886هـ - 1481م / 918هـ - 1512م»، واتفق هذا السلطان مع السلطان المملوكى فى مصر قايتباى «872هـ - 1468م - 901هـ / 1496م» على إرسال أسطول بحرى لنجدتهم عن طريق صقلية، إلا أن ظروف السلطانين السيئة حالت دون إرسال مثل هذا الأسطول، فاكتفى السلطان بايزيد بإرسال كتاب إلى الملكين الكاثوليكيين، بعد ثورة البيازين عام 1499م، لم يكن له أى أثر يذكر ومع ذلك استنجد به الموريسكيون مرة أخرى، فكانت استغاثتهم على شكل قصيدة مؤثرة مطلعها:
سلام كريم دائم متجدد *** أخص به مولاى خير خليفة
ويبدو أن تاريخ هذه الاستغاثة كان بعد عام 1501م، ولم يحرك السلطان العثمانى ساكنًا، وذهبت الاستغاثة الموريسكية فى مهب الريح، وهو ما يعنى أن أجداد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا وحفيد الخلافة العثمانية التى دمرت العالم رفض إنقاذ المسلمين الموريكسيين فى الأندلس من الذبح والقتل والحرق والطرد وكان السلاطين الأتراك سببا فى القضاء على الإسلام فى الأندلس: «شوفتوا ندالة أكثر من كده». وعندما خابت الآمال التى كان يعلقها مسلمو الأندلس على إخوانهم فى الدين فى بلاد المغرب والمشرق، لم يبق أمامهم سوى خيارات ثلاث هى: الموت أو التنصير القسرى، أو الهجرة القسرية خارج البلاد.. وللحديث بقية.