خلال الأسبوع الماضى، عاش أبناء "شارع عبد الخالق ثروت" العريق أسبوعاً تاريخياً سيُسَجل فى أنصع الصفحات، حيث عُقدِت انتخابات نقابة الصحفيين على ( ٦ ) مقاعد للعضوية، إضافة إلى مقعد "النقيب"، وأعترِف بأنها كانت انتخابات ساخنة انتظرتها جميع الأوساط السياسية والصحفية والإعلامية فى الداخل والخارج، والسبب يأتى لقوة وتأثير وقيمة وتاريخ صحافة مصر وصحفييها .
كان الجميع فى حاله تأهُب، والمنافسة مُشتعلة وكل مُرشح يسعى لنيل ثقة زملاء فى الجمعية العمومية، وكانت النتيجة: فوز الكاتب الصحفى الكبير خالد البلشى نقيباً للصحفيين ليجلس على كرسى جلس عليه عُظماء وقِمَم الصحافة المصرية، ومنهم كامل زهيرى وأحمد بهاء الدين ويوسف السباعى وإبراهيم نافع وجلال عارف ومكرم محمد أحمد ويحيى قلاش وعبدالمحسن سلامة وضياء رشوان.
عن نفسى دار فى عقلى عدد من التساؤلات منها : هل يستطيع الكاتب الصحفى خالد البلشى توحيد الصحفيين ولم شمل الجماعة الصحفية؟، عَبر لى عدد من الزملاء الصحفيين الذين لم يعطوا "البلشى" أصواتهم عن تخوفهم من أن تَتَحَوَل نقابة الصحفيين إلى مقر للمحسوبين على اليسار، فهل سينجح "البلشى" فى تقليل تخوفهم؟، هل "البلشى" سيعمل بنصيحة نقيب النُقباء كامل زهيرى من أنه يجب على أعضاء مجلس النقابة أن يخلعوا العباءة السياسية والحزبية على باب "نقابة الصحفيين"؟.
لم يكُن قد مَر على فوز البلشى سوى ( ٢٤ ) ساعة حتى تعالت أصوات الهاربين بالخارج وظلوا يُسيئون للدولة المصرية كعادتهم .. لكننى كُنت أقول : إن نجاح البلشى يُضاف لرصيد الدولة ولا يُقلل منها، يُحسَب للدولة ولا يُحسب عليها، عامل إيجابى وبَناء وليس عاملا سلبيا وهدَاما.
فى الواقع: فاز البلشى المُرشح المعارض وهذا دليل على الديمقراطية ودليل على إرادة أكثرية الصحفيين التى لا يُمكن أبداً أن يمسها أحد.. لذلك أرى أن نجاح "البلشي" المُعارِض هو نجاح للدولة النزيهة أو بمعنى أصح: نجح "البلشى" وكسبت الدولة احترام الجميع.
بعد ساعات قليلة من فوز "البلشي" شاهدته يتحدث لجموع الصحفيين فى مُداخلة هاتفية فى إحدى البرامج التليفزيونية ووقتها شعرت بالطمأنينة لسببين: لأننى أدركت أنه يتحدث بلهجة ( النقيب المسؤول ) الذى لن يرضى بأى تجاوز أو فتنة أو انقسام فى الجماعة الصحفية، وبأنه لن يكون نقيباً لفئة معينة دون غيرها.
ولم يكُن قد مَر سوى ( ٧٢ ) ساعة حتى شاهدت "البلشي" ضيفاً فى ( قناة cbc ) _ إحدى قنوات الشركة المتحدة _ فى حَضرَة الكاتب الصحفى خالد ميرى المرشح الذى لم يُحالفه الحظ والنقيب السابق ضياء رشوان، وشاهدت فى هذا اللقاء مُداخلات لعدد من قمم الصحافة المصرية ومنهم عماد حسين وعبد اللطيف المناوى ومحمد الباز ومصطفى بكرى ويحيى قلاش وعبدالمحسن سلامة، وقتها أيقنت أننى أمام "نقيب مسؤول" بعد أن أرسل بعدد من رسائل الطمأنة للرأى العام المصرى بأكمله وليس لجموع الصحفيين فقط، فقد كانت كلماته _ التى خرجت من فَمه _ تُعَبِر عن أنه جاء ليُوحِد الصحفيين لا ليُفرِقهم، وتأكدت من أنه سيكون نقيباً لمَن أعطوه أصواتهم ومَن لم يعطوه أصواتهم، وتأكدت من أن هدفه هو خدمة الصحفيين ومساعدتهم ومساندتهم دون تمييز ودون تصنيف، وأنه حريص على عدم الصدام مع الدولة بل والتفاوض معها وأنه يمد يده لتحقيق مكاسب مُستحقة للصحفيين، وأنه يُدرِك أنه نقيب للجميع ومسؤول عن الجميع.
وبصراحة : حضور "البلشى" احتفالية عيد الأم والتى نظمتها مؤسسة الرئاسة دليل على تقدير خاص لنقيب الصحفيين الجديد الذى أتى بإرادة حقيقية للصحفيين، وتصريحاته التى قال فيها إنه كان سعيداً للغاية وهو يستمع لما قرره فخامة الرئيس السيسى فى الاحتفالية من الإفراج عن الغارمات بمناسبة عيد الأم جعلت جميع الإعلاميين يقولون إننا أمام ( نقيب مسؤول ) .
وبصراحة أكثر : حينما شاهدت افتتاح فخامة الرئيس السيسى لـ "مركز مصر الثقافى الإسلامى" بالعاصمة الإدارية بحضور كبار رجال الدولة ورأيت "البلشي" ضمن الحضور أيقنت أننا أمام "نقيب مسؤول" يعرف أنه يحمل على أكتافه مسئولية الصحفيين وعليه أن يتقدم معهم للأمام، خادماً لهم، راعياً لهم، حامياً مصالحهم والتى _ بطبيعة الحال _ تتوافق مع مصالح الدولة.