مجدداً أعاود الحديث عن هذا الاستخفاف بالمشاهد وعدم احترام ذكائه، من بعض الإعلاميات أو كما يصنفونهم على غير حق، لتتصاعد موجات الاستخفاف إلى أن تفوق حد التحمل والتجاهل لمثل هذه النوعية من البحث عن التريند، التي وجدت لنفسها منصة إعلامية تسمح لها بهذه التجاوزات والتطاول لطالما استمر الجدل والاستياء واعتلاء عرش التريند، بغض النظر عن المحتوى والقيمة والقضية وغيرها من المسميات التي لم يعد لها وجود بهذا الزمان لدى البعض، و لا عزاء لشرف المهنة الذي كان.
فمن المسؤول عن هذا الذنب العظيم الذي ضرب كافة قيم المجتمع بمقتل وأطاح بما يسمى المهنية، ليصبح السؤال الذي يطرحه حتى بعض العاملين بالصحافة على الشخصيات العامة: (أنت فى جبهة فلانة ولا جبهة علانة).
كما لو كانت الساحة الإعلامية قد انقسمت لجبهتي المذيعتين اللتين تتنافسان على تصدير أفكار وإطلاق تصريحات عكس الأخرى لضمان قيادة الجبهة، وما أدراك ما تلك التصريحات التي قد بلغ بها الاستخفاف منتهاه، ولم يعد الجمهور له أية اعتبار بحساباتهن على إفساد إعلامنا الذي كان محط أنظار العالم العربي بأكمله.
إذ تحولت معايير الكفاءة ومقومات النجاح لدى الغالبية العظمى من المصريين، وعلى رأسهم بالطبع طبقة المشاهير أو أنصاف المشاهير بأى مجال لمجرد نسب مشاهدة عالية وتريندات على مواقع التواصل المختلفة!
إذ أصبح تصنيف الفنان أو المطرب أو الإعلامى وموقعه على خريطة النجومية وتحديد أجره وفرص ترشيحه وفرضه على جمهور المشاهدين المقهورين بناءً على منزلته الرقمية من حيث التريند والتدوال على تويتر أو جوجل أو يوتيوب!
وبكل أسف: لقد أدرك وتعلم وتدرب الكثيرون على إتقان اللعبة الافتراضية بوسائل متعددة منها:
*شراء عدد ضخم من المتابعين بمبالغ مالية كبيرة، وتسخير عدد من اللجان الإلكترونية التى تمنحه رقماً قياسياً بالبحث والمشاهدة، وتعمد الإثارة والاستفزاز بتصريحات صادمة أو ملابس غريبة أو ترويج للشائعات.
ولا مانع لدى البعض من البحث عن الفضائح لاكتساب أكبر عدد من اللاهثين خلف هذه النوعية المثيرة من الأخبار للحصول ببساطة على التريند المرجو!
فمن أسعده حظه واستطاع أن يتقن اللعبة جيداً ويجد مفاتيح أبوابها، فقد انفتحت له أبواب الشهرة والنجومية على مصرعيها دون جهد أو شقا ونحت بالصخر كما فعل غيره ممن يمتلكون مقومات النجاح بحق ويجاهدون سنوات طويلة من أجل الحصول على الفرصة التى تتجلى بها مواهبهم وتخرج للنور عن جدارة واستحقاق.
إذ يفاجأ هذا الذى يستحق بمن لا يستحق قد سبقه بمسافات طويلة وبضغطة زر واحدة قد أصبح من المشاهير، ثم سرعان ما تتهافت عليه جهات العمل المختلفة ولا عزاء لمعايير.