"الوالدان" بمثابة بابان للجنة مفتوحان أمامك، فاغتنم الفرصة قبل أن يغلقّا، واعلم أنّك مهما فعلت من أنواع البرّ بوالديّك؛ فلن ترد شيئاً من جميلهما عليك، وأن برهما لا يتوقف على حياتهما، وإنما يمتد بعد الوفاة.
نعم، بر الوالدين لا يتوقف على حياتهما، وإنما يتواصل حتى بعد الوفاة، من خلال صلة من كان يصلانه، والدعاء لهما، والتصدق على روحهما، فإذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: "صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ويتواصل بر الوالدين بعد الوفاة، بأداء العبادات وفعل الخيرات، فجَاءَتْ امْرَأَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تَحُجَّ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا» ويروى أن رَجُل جَاءَ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ؛ أفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، فَدَيْنُ اللَّهِ أحَقُّ أنْ يُقْضَى.
ويفرح الوالدان في قبورهما بدعاء الأبناء وبأفعالهما الحسنة، ليستمر عمل الإنسان الصالح على الدنيا رغم وفاته من خلال أبنائه، الذين يتصدقون بأسمائهم ويدعون لهم.
وتبقى سيرة الوالدان الطيبة والحفاظ عليها، أحد أولويات الأبناء، حتى يترحم الجميع على ذويهم، بقدر ما ربوهم على الأخلاق الحميدة منذ نعومة أظافرهم، عندما يشاهد الناس قطعة من المتوفين تتحرك على الأرض، ترحم وتعفو وتصفح وتعامل الناس بالتي هي أحسن، فتنهال الدعوات على من ربوهم رحمة ونورًا في قبورهم.