العاقل من يُدرك أن خير وجوه الاستثمار فيما أنعم الله عليه من نعم، يكون فى جبر الخواطر والمواساة، وإعانة الفقراء والمساكين خاصة في أيام الشدائد، وبما أننا في شهر الخير يجب أن نعلم أن إطعام الطعام من صفات عباد الله الأبرار لقوله تعالى "إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا* عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا)، وأن إطعام الطعام من صفات أصحاب اليمين لقوله تعالى (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْبِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ).
بل أن إطعام الطعام من أسباب الفوز بالجنة، ففي الحديث الشريف يقول - صلى الله عليه وسلم-: "وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" وفي حديث آخر أن أعرابياً قال: يا رسول الله علمني عملاً يدخلني الجنة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أعتق النسمة وفك الرقبة "، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسقِ الظمآن".
لذلك ما أجمل المصريين في شهر رمضان، حيث المسارعة إلى الخيرات والتنافس فيها، وتقديم إفطار للصائمين، كنوع من البر والتكافل والتآخى، وهذا ما نراه يوميا في موائد الرحمن التي تتصدر الشوارع المصرية، ونموذجا ما رأيناه خلال رحلة إفطار من مشاهد للمودة والخير من قبل أهالى منطقة كوم بكار بآخر فيصل بالجيزة، وحرصهم على إقائمة مائدة الرحمن طوال الشهر الفضيل، والتكاتف من أجل عمل مائدة لأكثر من 600 فرد في مشهد يعكس جو من التكافل والمحبة والإخلاص، يتصدره رجال خير وشباب هم حقا لتقديم أيادى خير لنشر المحبة والتكافل بإخلاص وتفانى، فرغم الظروف الراهنة تجدهم يتسابقون لإدخال السعادة على المساكين والمحتاجين والأيتام، وما أسعدنى أكثر ما يفعله رجل خير يُدعى ناصر الخير من تقديم وجبة متكاملة غذائيا شاملة لكافة الأصناف وتقديمها بطريقة لا تجرح المشاعر وتراعى الكرامة والإنسانية.
فما أعظم من نعمة إطعام الطعام فهى خير الأعمال، فقد قال نبينا الكريم "أي الإسلام خير يا رسول الله؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"، كما أنه أحب الأعمال إلى الله لقول النبى الكريم أيضا "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعًا، أو تقضي عنه دينا"، والأجمل أن يعلم المطعمون للطعام ابتغاء وجه الله أنهم خيار الناس لقول النبى الكريم "خياركم من أطعم الطعام".
وأخيرا.. نذكر بقول مفتى الجمهورية بأن المذاهب الأربعة الفقهية اتفقت على أن النفقة على الفقراء والمساكين أولى من حج وعمرة التطوع، لأن الأثر على الحج يعود على الحاج وحده بينما إعطاء الفقراء منفعته متعدية إلى الآخرين.. فنعم لإطعام الطعام في رمضان..