تحتاج الحياة صبرًا لمواجهتها، فالحياة مجموعة من المواقف المتنوعة لكنها فى مجملها لا تأتى على هوانا، ولا تسير مثلما نرجو ونحب، لذا نحتاج الصبر كى نعرف كيف نعاملها، والصبر يعنى الأمل فى الله سبحانه وتعالى، ويعنى عدم اليأس، كما يعنى رؤية النصر كامن فى الأمور والظروف.
يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة البقرة "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"، وعلى الرغم من كون هذه الآيات وردت فى سياق صراع جالوت وجنوده مع طالوت وجنوده، لكن معناها أكثر اتساعا من معركة حربية، فهى كلمات تصلح للحياة جميعها، هو دعاء نحتاجه طوال الوقت كى نعبر بأنفسنا ومن معنا من العسر إلى اليسر.
والصبر فى المعاجم العربية يدور حول معانى الرضا والتجلد والتَحمل، والاحتَمال، والانتظار فى هدوء واطمئنان دون شكوى أو تعجَّل.
والصبر صنو الإيمان، لأن الإيمان فى جوهره تصديق الغيب، والصبر أيضا فى جوهره الثقة فى الغيب، وذلك يعنى قوة القلب والعقل، فالقلب الذى يصدق والعقل الذى يعمل ويضع منطق الأشياء ويعمل على تحقيقها.
ويقولون الصبر مفتاح الفرج، وهو قول حق، لأن الصبر يعنى أن تأتى الأشياء أكلها، فلا استعجال يقضى على الأخضر واليابس ولا غضب يذهب بكل شيء، بل طمأنينة تحقق المرجو من الأشياء.
وعكس الصبر يكون اليأس الذى يعنى القنوط والنظرة الضيقة والرؤية القصيرة للأمور، وذلك يورث الحزن ويفزع القلب و يهبط العزيمة ويجلب الفقر.
وقد يفهم البعض الصبر بمعنى الرضا بما هو واقع والسكوت عنه، وهو معنى غير الصحيح، فالصبر يعنى العمل ومزيدا من العمل، يعنى الإيمان بأن هذا العمل سيجعل الأمور أفضل، وأن الغد سيكون فى خير حال.
لذا فإن الدعاء "ربنا أفرغ لينا صبرا" لازمة نقولها ونعمل بها ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يستجيب لنا فيلهمنا الصبر ويحقق لنا غاية صبرنا.