فى ظاهرة ليست بالجديدة على المصريين، لكنها فى رمضان هذا العام تختلف عن كل الأعوام، وهى كثافة العطاء وكثرة الإنفاق وتجلى حالة التكافل الاجتماعى التى قاد رايتها أهل مصر الكرام، وقبلها مبادرة كتف فى كتف، التى ساعدت كثيرا من المصريين، ليفيض بخيراته من زاده الله من فضله على إخوته ممن اقتر عليهم الرزق فى مشاهد رائعة مبهجة تشرح الصدور وتسعد القلوب، لا تشوبها شبهة المراءاة ولا تتدخل بها أية مصالح، لكنها خالصة لوجه الله الذى يرزق من يشاء بغير حساب.
فقد كانت موائد الرحمن فى كل حى من أحياء مصر تقام برمضان كل عام، وهناك أشخاص أكرمهم الله، وبارك لهم يلتزمون بها كل عام دون تقاعس أو نقصان.
ففى شهر الخيرات والرحمة والغفران، يتسارع المتسارعون لفعل الخيرات وبذل الجهد للفوز بسعادة الطاعة ورضا الرحمن.
ولكن:
هذا العام ليس ككل الأعوام، إذ يبدو أن الأزمة الاقتصادية العالمية القاسية وغلاء الأسعار المخيف ومعاناة ما دفع الكثيرين للاستغناء عن العديد من السلع، ليصاب المواطن بغصة.
لنجد بالمقابل فى صورة واضحة متكررة منتشرة بكافة أنحاء مصر، مزيداً من العطاء والإغداق والإطعام من أهل الخير، فقد تزينت شوارع مصر بموائد الرحمن بكثافة غير مسبوقة، وجودة بالطعام والشراب والحلويات وخلافه لم تكن كذلك من قبل.
ناهيك عن التنافس الجميل بين المصريين على طول مائدة الرحمن، فقد كانت بالأيام الماضية فى مدينة الشيخ زايد مائدة تتسع للآلاف من الصائمين إذ تم تصنيفها كأطول مائدة بمصر، والتى سبقتها مائدة المطرية وغيرها.
ليتسارع أهل الخير بالمشاركة والدعم بسعة والهرولة سعياً لإسعاد الناس وتخفيف بعض معاناتهم وإزالة جزء من همومهم، لتتجلى بوقت الشدائد والأزمات حالة التكافل الرائعة بين المصريين وينضح الإناء النقى بمعدنه الطيب الأصيل بما فيه.
كل عام ومصر وأهلها الطيبين الكرام بخير وسعة ورضا من الرحمن.