خطوات فى الملف الصعب
ملف أصحاب المعاشات فى مصر ملىء بالمآسى والغموض، ويغيب فيه الكثير من المعلومات عن حجم أموال التأمينات والمعاشات، وطريقة استثمارها، وهناك آراء تتهم الحكومات السابقة بسرقة عوائد أموال المعاشات واستثمارها بنسب ضئيلة تضيع فرصة رفع سنوى للمعاشات من عائد الأموال وليس من الخزانة، وبالشكل الذى يعالج التضخم ويناسب الأجور.
من هنا تأتى أهمية مشروع القانون الذى يناقشه مجلس النواب برفع المعاشات %10، والذى أعاده البرلمان للحكومة لتكون النسبة %15، وهى نسبة يفترض أنها ثابتة سنويا، وهى خطوة إيجابية فقد بدأ اقتراح الرفع بـ%5 وارتفع حتى %15، لكنها تبدو ضئيلة مع تشوه المعاش الأصلى الذى يصرف على الأجر المتغير وليس الشامل، وهو ما يجعل المعاش فى حد ذاته مأساة، حيث نرى موظفا مهما وصل راتبه يحصل على معاش يدور حول ألف جنيه، وهى مأساة تطيح بالموظف إلى ما تحت مستوى الفقر، مهما كانت خبراته وراتبه.
الأمر أشبه بمغارة ولوغاريتمات، هناك حديث عن قانون جديد للتأمينات يتم من خلاله تحديد المعاش على الأجر الشامل وليس المتغير، الحكومة قالت إن %10 زيادة يكلف الخزانة 13.8 مليار جنيه، وإن أكثر من ذلك يكلف كثيرا، وزيرة التضامن الاجتماعى غادة والى قالت، إن إجمالى أموال التأمينات والمعاشات 634 مليار جنيه، منها 55 مليارا وديعة ببنك الاستثمار الوطنى، و119 مليار جنيه استثمارات مباشرة، و162 مليار جنيه مديونية لدى الخزانة العامة للدولة و298 مليار جنيه صكوك بالخزانة. الأرقام التى تذكرها الوزيرة تشير إلى أن الأموال يمكن حال استثمارها بأمان أن توفر المعاشات ونسب الرفع.
الحكومة تقول عن قانون التأمينات الموحد، إنه سيساعد على رفع دخول أصحاب المعاشات لأنه سيصرف على الأجر الشامل، وليس الأساسى، وأنه سيتم عمل جلسات استماع عليه قريبا، وهذا هو مربط الفرس لأن الحديث عن القانون الجديد من سنوات، ولا بديل عن إقراره، مع أهمية أن تعمل الحكومة على تحسين إيرادات صناديق المعاشات بما يساعد فى زيادتها بانتظام مثل الرواتب، وهناك فئات خارج أى غطاء للمعاشات وهى فئات تستحق توسيع دائرة المعاشات.
لقد بدا أن فتح ملف المعاشات أقرب إلى مغارة من الأرقام والاتهامات، وهى تراكمات عقود طويلة كان فيها أصحاب المعاشات ضحايا الإهمال واللعب بأموال التأمينات من دون رقيب، وربما تكون إحدى نقاط الضوء فى النفق خطوة الوصول لـ%15، لكن المشوار طويل حتى يحصل أرباب المعاشات على معاش مناسب، وهو حق لهم بعد سنوات قضوها فى العمل والخدمة، يستحقون أن يرتاحوا وليس أن يبقوا فى كبد وألم.