تمر اليوم 25 عامًا على رحيل الشاعر الكبير نزار قباني، الذي توفي يوم 30 أبريل من سنة 1998، وكان وقتها نجمًا كبيرًا يشار إليه في كل مكان، فهو أحد الشعراء النجوم في تاريخ الشعر العربي والعالمي.
أكثر ما يهمني في تجربة نزار قباني الشعرية مفهومه لوظيفة الشعر، فهو لا يرى الكتابة مجرد تداعي أو مهادنة لا في الحب ولا في السياسة، فالشعر بالنسبة إليه "سيف" يقول من خلاله ما يريد قوله دون مواربة أو غيره، إن أراد أن يقول لنا إنه يحب ويعاني، يقول:
أحبكِ.. لا أدري حدود محبتي
طباعي أعاصيرٌ.. وعاطفتي سيلُ
وأعرف أني متعبٌ يا صديقتي
وأعرف أني أهوج.. وأنني طفلُ
أحبُ بأعصابي، أحب بريشتي
أحب بكلي.. لا اعتدالٌ ولا عقلُ.
وإن أراد أن يقول إننا هزمنا شر هزيمة في نكسة 1967، يقول:
أنعى لكم
يا أصدقائى
اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعى لكم..
كلامنا المثقوب
كالأحذية القديمة
ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة
أنعى لكم.. أنعى لكم
نهاية الفكر الذى قاد إلى الهزيمة
هكذا عاش نزار قباني ومات منذ ديوانه الأول "قالت لى السمراء" الذي أثار ضجة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، ومن بعدها تواصل قوله وتواصل هجوم البعض عليه واختلافهم معه، وهو لم يتغير أبدًا.
وبناء على هذا المفهوم الشعري فإن وجود نزار قباني وكل من يتمثل هذا المفهوم في المواجهة ضروري جدًا، لأنه يصنع التوازن في الحياة، لقد كان لنزار قباني موقف واضح من الحب والعنف والسياسة والعدو، كان حزينًا من أجل عالمنا العربي، فهو يعرف أننا نستحق الأفضل، وربما لو استمرت به الحياة لصار الآن أكثر حزنًا لما جرى في دمشق وما ألم بها من مآسي.