مازالت الكرة الإنجليزية تعيش على أصداء تلك الضجة الكبرى التى أحدثها إعلان عائلة جليزر الأمريكية الموسم الماضى بيع نادى مانشستر يونايتد، بعد فترة كبيرة من النجاحات، وما ترتب على هذا الإعلان من حالة ترقب، خاصة من جمهور الفريق، حول مستقبل قلعة الشياطين، وأحد أعرق الأندية الإنجليزية فى التاريخ، وتلك الصفقة التى تؤكد التقارير أنها ستصبح أكبر صفقة رياضية متخطية عملية بيع تشيلسي مقابل 5.2 مليار دولار، حيث يعتبر يونايتد رابع أغنى فريق لكرة قدم فى العالم، كما أنه واحد من أكثر الأصول قيمة فى كل الرياضات، ولكن ويبقى السؤال الأبرز عن موعد إعلان الصفقة وهوية الملاك الجدد، وهل يستطيعون إحداث طفرة وإحياء مشروع مانشستر يونايتد وعودة أمجاده من جديد؟.
وبعيداً عن تلك الصفقة التي ستحدث بالتأكيد ضجة كبرى في إنجلترا، سواء فى الجانب الاستثمارى أو الرياضى، خاصة بعد اقتراب إتمام الموافقة على العرض القطرى المقدم من الشيخ جاسم بن حمد آل ثانى بـ5 مليارات إسترلينى، بعد انسحاب رجل الأعمال الفنلندي توماس زيلياكوس من مفاوضات شراء النادي، معللاً ذلك بأن تأخير عملية البيع سيزيد من صعوبة مهمة المالك الجديد في بناء فريق قوي، ليبقى العرض القطرى هو الأقوى والأقرب لإرضاء طموحات الملاك الأمريكيين الذين اشتروا النادى فى 2005 مقابل 790 مليون جنيه إسترليني _ ما يقرب من 980 مليون دولار _ وهنا يبقى السؤال الأهم.. هل يستطيع الملاك القطريون النهوض بالفريق وإعادة إحياء مشروع مانشستر يونايتد، هذا العملاق الإنجليزى الذى غزا ملاعب أوروبا، خاصة بعد نجاح الملاك السعوديين فى النهوض بنادى نيوكاسل يونايتد وتحويله من فريق هابط إلى المنافسة على الـ"توب 4" فى أقل من عام، بل وبات الجميع يرفع سقف طموحاته للفوز بالدورى الإنجليزى فى المواسم القادمة.
في البداية ومنذ الموسم الأول بدأ المشروع الاستثمارى يؤتى ثماره، بعد تطوير الكوادر الإدارية والفنية بسرعة شديدة، فتحول نيوكاسل يونايتد من فريق هابط أو ينافس على البقاء إلى أحد كبار الدوري الإنجليزي، فوجدنا نيوكاسل لم يخسر أول خمسة عشر مباراة فى الدورى الإنجليزى منذ موسم 95، بل ويرتقى هذا الفريق بطموحات جماهيره لمنافسة وإقصاء الكبار من جدول الترتيب لحجز مقعد أوروبى على حساب عمالقة البريميرليج بدلاً من المنافسة على الهبوط فى المواسم الماضية، ليصبح نيوكاسل يونايتد منافساً حقيقياً على لقب الدورى الإنجليزى فى المواسم القادمة، مثل مانشستر سيتى والذى انتظر عدة سنوات أنفق خلالها مليارات قبل أن يصبح بطلاً للدورى الإنجليزى، والآن يطمح ليكون بطلا لأوروبا.
لم يغامر مسئولو نيوكاسل بتلك الصفقات السوبر التي تكلف النادى الملايين، تجنباً للدخول تحت مقصلة اللعب المالى النظيف من البداية، ليكتفوا بالتعاقد مع صفقات متوسطة، أمثال كريس وود وبرونو جيماريش ومات تارجت ودان بيرن وكيران تريبييه، ومدرب محترف هو إيدي هاو والذى استطاع خلق توليفة رائعة سحرية فتمكن من النهوض بالفريق وتقديم مستويات أذهلت الجميع بعد مناطحة كبار إنجلترا فصار نيوكاسل فى المركز الثالث بجدول ترتيب البريميرليج، وسط توقعات من الجميع فى بناء مشروع قوى للنادى الإنجليزى فى المواسم المقبلة.
أما فى مانشستر يونايتد، وإن كان الوضع مختلف قليلاً نظرا لاختلاف المنظومة والقاعدة الجماهيرية بين الناديين، ولكن يبقى "الاستثمار العربى" فى ملاعب إنجلترا هو العامل المشترك، سواء فى مانشستر أو نيوكاسل يونايتد، ويلعب دوراً محورياً فى بناء المشروع الرياضى، فلا يختلف اثنان أن الاستثمار القطرى سوف يساهم فى بناء مشروع قوى يعيد أمجاد مانشستر يونايتد كواحد من أعرق الأندية، ليس فى إنجلترا ولكن فى العالم.