هناك موضوع مهم يحتاج وقفة حقيقية من جانب مؤسسات الثقافة ومن جانب كل المهتمين بتاريخ الثقافة المصرية، ويمكن اختصار هذا الموضوع في طرح سؤال مهم: هل يعقوب صنوع رائد في تاريخ الثقافة المصرية خاصة في المسرح والصحافة أم أنه كان رجلا مخربًا مضرًا مدفوعًا ضد ثقافة مصر؟
يكفي أن أقول لك عن أمر حدث أمس السبت، فقد ألغت مكتبة مصر العامة احتفالية يوم الكاريكاتير المصري، هذه الاحتفالية كانت من تنظيم مشروع ذاكرة الكاريكاتير، التابع لمؤسسة عبد الله الصاوي للحفاظ على تراث الكاريكاتير المصري، وكان من المقرر إقامة فعالياتها في المكتبة خلال الفترة من 6 إلى 20 مايو الجاري، ووفقًا لبرنامج الفعالية كان من المقرر أن تضم معرضين الأول تحت عنوان: 145 سنة كاريكاتير، ومعرض: يعقوب صنوع.. رائد الكاريكاتير المصري؛ ويضم 100 بورتريه كاريكاتيري ليعقوب صنوع.
تم إلغاء المعرض قبل ساعة واحدة من موعد الافتتاح دون إبداء أساب واضحة، لكن هذا الإلغاء سبقه شيء مهم جدا، حيث قام الدكتور سيد على، أستاذ المسرح، بمهاجمة المعرض على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، متهمًا يعقوب صنوع بأنه "صهيونى وعمل ضد مصر وأنه ليس رائدا في شيء" وأن وزارة الثقافة سبق لها أن ألغت هذا المعرض من قبل.
لا يشغلني إن كان منظمو المعرض قد ألغوه تأثرًا بكلام الدكتور سيد علي أم أنهم ألغوه لأسباب أخرى، ما يهمنى أن نعرف يعقوب صنوع: هل هو رائد أم مخرب؟
بالطبع هذه القضية ليست جديدة ورأي الدكتور سيد على ليس جديدًا، لكن من الناحية الأخرى رد عليه أساتذة مهمين أيضا منهم الدكتورة نجوى عانوس ومن كتبها "يعقوب عانوس.. رائد المسرح المصري"، كما أن كتابًا مهمًا للدكتور على الراعي "المسرح في الوطن العربي" الذي يعد مرجعًا لكل من يهتم بعلم المسرح وفنون، كما أن مهرجان المسرح القومي احتفى بـ يعقوب صنوع خاصة فى دورة مهمة في سنة 2020 حتى أن الناقد جرجس شكري قال بأنهم فكروا أن يطلقوا على الدورة اسم "يعقوب صنوع".
ورأيي أن يعقوب صنوع رائد ثقافي أثر في المسرح والصحافة ومعنى أن بعض رجال عصره اختلفوا معه لا يعني أنه كان "مخربًا بل معناه أنه كان فاعلا وأن عليه اتفاق واختلاف.
وما أريده أن تنظم وزارة الثقافة مؤتمرًا كبيرًا عن يعقوب صنوع، وأن يتقدم النقاد والمؤرخون فيدرسونه دراسة وافية بعيدة عن الادعاءات أو المواقف الشخصية، بل يدرسون إنتاجه بطريقة علمية معتمدة على الوثائق والأثر ثم يخرجون علينا بعدد من الدراسات المهمة التي يمكن من خلالها أن نفهم يعقوب صنوع وموقفه من الثقافة المصرية.