كرة القدم تبتهج بالمجانين

الانضباط في كرة القدم يصنع النجاح، لكن الجنون هو محور إثارتها، ولولا أولئك المجانين، سواء لاعبين داخل المستطيل الأخضر، أو مدربين على خط التماس، أو مناصرين في مقاعد المتفرجين، لما حظى هذا الجلد المنفوخ بكل هذا الصخب والاهتمام. تخيل أن مباراة كرة قدم خلت من هؤلاء المجانين في كل عناصرها، فقادها مدرب لا يعرف التمرد على التكتيك، وحضرها مشجع لا يهتم بالنتيجة، ونفذها لاعبون يؤدون أدوارا انضباطية فقط، ما هو المنتج الذى يغريك كمشجع لمتابعة مباراة تشبه العرض العسكري كهذه حتى نهايتها؟! المخلص لحب هذه اللعبة، لا ينكر أن كرة القدم الحقيقية هي التي تبتهج بالمجانين، تبتهج بـ المشجع الذي يهرب من بيته ليمزق حنجرته في الاستاد احتفالا بهدف مباغت، والمدرب الذى يهزم تكنوقراطية النظام ليسبح بخياله في عوالم مجنونة و أفكار ثائرة على العرف والتقليد الكروي، وبلاعب يتمرد على التكتيك ويطلق العنان لموهبته الفطرية في إيجاد الحلول، هكذا هي كرة القدم التي نحبها. حتى القرارات التي تتجاوز حدود البساط الأخضر، دائما ما كان الجنون أبرز سماتها، مثلا في الإنتقالات بين الأندية، الإثارة تحضر في "سرقات" اللاعبين فقط، وليس في تلك الانتقالات التي تُعامل اللاعب كمنتج اقتصادي يسهل التخلص منه. في القرن الماضي مثلا، تمت ملايين الصفقات بين الأندية، لكن العالم بأسره يتذكر صفقة ألفريدو دي ستيفانو أحد أهم اللاعبين في تاريخ نادي ريال مدريد الإسباني، بيد أن قصته كادت أن تسلك طريقاً مغايراً منذ البداية، إذ كان قاب قوسين أو أدنى من الانضمام للغريم التقليدي برشلونة، لولا مناورة من إدارة النادي الملكي، انتهت بأحد أساطير الساحرة المستديرة داخل جدران سانتياجو برنابيو . وكان دي ستيفانو هو أحد هذه التعاقدات التي أثارت جدلاً واسعاً ، خاصة أن اللاعب جاء إلى إسبانيا ليتم انتقاله إلى البلوجرانا، لينتهي به الأمر في ريال مدريد، وهي الصفقة التي أطلقت عليها الصحافة الإسبانية وصف "السرقة المدريدية". وبعد دي ستيفانو بقرابة 30 سنة، حدثت الصفقة الأشهر في تاريخ اللعبة بانتقال مارادونا من برشلونة إلى نابولي الإيطالي، وهي تصنف بالصفقة الأغرب في التاريخ، حيث ذهب رئيس نابولي آنذاك الى عمدة المدينة، قائلا: روما هي عاصمة إيطاليا، وميلان هي مدينة الازياء، وتورينو الاقتصاد.. ألا يجب أن نجعل مدينتنا تمتاز بشيء يدر عليها النقود كباقي مدن ايطاليا؟ فكان رد عمدة نابولى أنه لا يوجد بخزينة المدينة المال الذي يكفي لجلب الاستثمارات، فقال له: سنجعل مدينتنا تعج بالسياح، والحل الوحيد ان نجلب مارادونا، والعالم كله سيلحقه الى نابولي، فوافق عمدة المدينة على قيمة مارادونا، وجلبه الى نادي نابولي فاستقبلته الجماهير بعبارة: "هناك نجوم كثيرة، لكنك النجم الاكثر اشراقا"، لكنهم صدموا بأن العمدة تردد باستقطابه لأن المبلغ كبير للغاية، فشكلت الجماهير صندوق بتعاون مع السلطات في نابولي من أجل إتمام الصفقة ونجح الأمر ! هذه عينة من الصفقات المجنونة التي غيرت مسار كرة القدم، فماذا سيكون حال هذه اللعبة لو تخلصت من جنونها؟!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;