الاتحاد قوة، والتفرقة ضعف، ويد الله مع الجماعة.. جمل ومصطلحات تؤكد أن أى قوة حقيقية على الأرض يكون أصلها اتحاد أو عمل بشكل جماعى، والعرب قوة كبيرة لا يستهان بها ولكن إذا اتحدوا، فعندما اتحد العرب قديما وأصبحوة قوة واحدة استطاعت أن تهزم إمبراطوريات الفرس والروم وإمبراطوريات كان عمرها آلاف السنوات، فالظروف العالمية الأخيرة والتداعيات الاقتصادية العالمية، تتوجب على الدول العربية، أن يكونوا صفا واحدا، يفكرون فى أن يكون لهم تحالف اقتصادى قوى، وسوق عربية مشتركة.
والفترة الأخيرة استطاعت مصر أن تكون السوق الأفضل للاستثمار فى الشرق الأوسط، وتبقى لرؤية 2030 من المتوقع أن يكون الاقتصاد المصرى، من أفضل 10 اقتصادات فى العالم، وأعتقد أن هذه فرصة حقيقية لكى يلتف العرب حول مصر، لاستعادة ريادتها، ولكن الاتحاد قوة، فتحالف الأشقاء العرب مع مصر، سيعود بالخير للأشقاء ولمصر، ستكون مصر أم الدنيا بمساعدة أشقائها، وستكون بالنسبة لهم الأمن والأمان، والحارس الأمين لهم، فمصر محفوظة فى كتاب الله عز وجل وستظل بلد الأمن والأمان لكل من يدخلها.
ولعلك عزيزى القارئ على دراية بجميع القرارات والإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة الدولة المصرية لجذب الاستثمار والمستثمرين سواء الأجانب أو العرب، وبدأت مصر تحصد ثمار تلك الإجراءات سواء تمثل ذلك فى صورة مشروعات كبرى، أو قوانين وتشريعات جديدة، خاصة منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مسئولية حكم البلاد عام 2014، فالحكومة اخذت على عاتقها إزالة وتذليل كل العواقب أمام المستثمرين، مستعينة بكافة تجارب الدول الكبرى، فتم تشريع قوانين جديدة، وإصدار قرارات وزارية ولوائح وتغيير قوانين قديمة والهدف من تلك الإجراءات فقط تحفيز الاستثمار وتشجيع المستثمرين.
وكما ذكرت أن مصر بدأت الآن تحصد ثمار جهد مبذول منذ نحو 9 سنوات، سواء تمثل هذا الجهد فى صورة مشروعات كبرى أو صور قوانين وإجراءات لتحفيز الاستثمار.. فاحتلت مصر ثانى أكبر دولة عربية جاذبة للاستثمار الأجنى طبقا لجميع التقارير الاقتصادية الصادرة من مؤسسات عالمية، فضلا عن أن الاقتصاد المصرى مرشح بقوة ليكون من أقضل 10 اقتصادات فى العالم خلال السنوات الـ 10 المقبلة.
رؤية مصر 2030، وضعت الخطوات الأساسية لوصول الاقتصاد المصرى لأفضل 10 اقتصادات كبرى على مستوى العالم، فعلى مستوى المشروعات أستطاعت مصر خلال فترة وجيزة إنشاء نحو 37 مدينة جديدة من مدن الجيل الرابع الذين يمثلون عصر انطلاق المدن الذكية، واستطاعت العاصمة الإدارية الجديدة أن تجذب انتباه العالم أجمع، فمساحتها 180 ألف فدان، وتخطت استثمارات البنية التحتية فى المرحلة الأولى فقط الـ 200 مليار جنيه، فضلا عن وجود أطول برج فى أفريقيا ومدينة رياضية عالمية أخرى للثقافة والفنون وغيرها من المشروعات التى أبهرت العالم.. وكذلك الأمر حدث فى مدينة العلمين من مشروعات حولت الصحراء الجرداء لأمشروعات يتنافس عليها كبار المستثمرين.
الدولة المصرية لديها إرادة قوية فى استعادة الريادة مرة أخرى، فالحكومة عملت فى مختلف المجالات من إسكان وزراعة وبترول وصناعة وخلافه، العمل على مدار الساعة فما حدث فى سنوات قليلة كان فى القديم يستغرق عشرات السنوات وهذا بشهادة الجميع، فكافة الوفود العربية والأجنبية أكدت أن ما حدث فى مصر خلال السنوات الأخيرة هو إعجاز حقيقى وليس إنجاز وخاصة فى ظل التحديات التى كانت تعانى منها مصر خلال الفترة الأخيرة وخاصة عقب عام 2013.
التقارير الرسمية الأخيرة أكدت ارتفاع الاستثمارات العربية فى مصر خلال العام الماضى وهو ما يؤكد على التكاتف العربى وأن العرب قوة كبرى لا يستهان بها اذا اتحدوا، فالاستثمارات العربية ارتفعت فى الربع الأخير من العام الماضى لتسجل نحو 1.5 مليار دولار بنسبة ارتفاع بلغت 31%، بالمقارنة بنفس الفترة فى العام الذى يسبقه، وفى نفس الوقت أكدت البيانات أن تدفقات استثمار الاتحاد الأوروبى بلغت نحو 1.5 مليار دولار فى الربع الرابع من العام المالى 2022، بنفس النسبة المسجلة للاستثمارات العربية من إجمالى تدفقات الاستثمار للداخل فى مصر.
واستحوذت مصر على نسبة 20% من إجمالى الاستثمارات الأجنبية المباشرة التراكمية الواردة إلى الدول العربية ، وجاءت مصر فى المركز الثانى كأكبر مستقبل فى الدول العربية للاستثمارات الأجنبية المباشرة بحسب إحصائيات الأونكتاد بتدفقات بلغت 5.9 مليارات دولار.
وأستطيع أن أؤكد لك عزيزى القارئ، أن ارتفاع مكانة مصر يرجع لعدد من الإجراءات التى اتخذتها الحكومة فى مقدمتها برنامج الإصلاح الاقتصادى، وكذلك إجراءات تسهيل بدء النشاط التجارى عبر إلغاء شرط الحصول على شهادة عدم الالتباس وتحسين عمل الشباك الموحد، الخاص بالمستثمرين، وتحسين إجراءات الحصول على الكهرباء عبر تطبيق نظم آلية لرصد انقطاع التيار الكهربائى والإبلاغ عنه، إضافة إلى تعزيز حماية المستثمرين الأقلية عبر اشتراط موافقة المساهمين عند إصدار الشركات المدرجة أسهماً جديدة، فضلا عن تيسير دفع الضرائب عبر تطبيق نظام إلكترونى لإيداع وسداد ضريبة دخل الشركات وضريبة القيمة المضافة.
وطبقا لبيانات رسمية ارتفعت قيمة التبادل التجارى بين مصر والدول العربية لتسجل نحو 21.9 مليار دولار خلال أول 9 أشهر من عام 2022 مقابل نحو 18.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بزيادة بلغت 3.5 مليار دولار، وبنسبة ارتفاع قدرها 18.9%.، كما بلغت قيمة الصادرات المصرية للدول العربية نحو 8.8 مليار دولار خلال أول 9 أشهر من عام 2022 مقابل نحو 8.2 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بزيادة بلغت 620 مليون دولار، وبنسبة ارتفاع قدرها 7.6%.
ولعل تحول لمصر لتكون أهم الوجهات الاستثمارية فى المنطقة خلال الفترة الأخيرة، يرجع إلى مواصلة الحكومة تقديم حوافز "غير مسبوقة" لتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر وتجاوز تداعيات الأزمات العالمية، وتمثل مصر أيضا الوجهة الاستثمارية الأولى للصناديق السيادية العربية، فى مقدمتها الاستثمارات السعودية، والاستثمارات الإماراتية، ضمن الاستثمارات الخليجية فى مصر بوجه عام.
وفى الختام، جاءت وثيقة "سياسة ملكية الدولة" لإحداث التوازن بين مشاركة القطاعين العام والخاص، وستشهد الفترة المقبلة طرح شركات مملوكة للدولة فى البورصة، وبدء منح "الرخصة الذهبية" للمشروعات الجديدة، فبحسب الوثيقة فإن الحكومة تعتزم التخارج بالكامل من 79 نشاطا، وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى 45 نشاطا.