في مجموعته القصصية "قطط تعوى وكلاب تموء" الصادرة عن دار الشروق، يريد أحمد عبد المنعم رمضان أن يشعرنا بالخطر، يريد أن يقول لنا إننا شئنا أم أبينا فالخوف يحكمنا منذ قديم الأزل، بالنسبة له منذ الزلازل والبراكين.
يبني أحمد عبد المنعم رمضان عالما مكتملًا فيما يشبه المتوالية القصصية، عالم له قواعده وقوانينه، له أبطاله وله ضحاياه، له لغته أيضا وله خياله وبلاغته ومجازه، وكل ذلك يبدأ من العنوان الذي يقول لنا إن الخلل قد أصاب كل شيء.
يتأمل أحمد عبد المنعم رمضان المدينة من خلال قسمي المجموعة "حيوانات المدينة" و"تائه في الغابة"، حيث يتداخل البشري والحيواني معًا ما بين المصاحبة وحتى تطابق الأفعال والصفات.
يسيطر على أحمد عبد المنعم رمضان هاجس من الخوف ينطلق من فكرة أن الماضي ليس أفضل، فالذاكرة لا تستحضر سوى حكايات الزلازل والقصص الغرائبية لمدرسة اللغة العربية والدين عن ملائكة معاقبين فى الأرض، والمستقبل ليس بخير أيضا، حيث إننا سنفقد قدرتنا على التحكم فى أجسادنا وسينتهي بنا الحال فى أسوأ صورة ممكنة، وبين الحالين يعيش الإنسان تعاسته اليومية من الوحدة والتسليع وكونه مادة للقتل وتسلية الآخرين، وأن يصبح جثة لحصة التشريح.
يسمح أحمد عبد المنعم رمضان لعين الطفل أن تتجول فى الحياة أن تترصد وتراقب ما يدور حولها وأن تنقل لنا فزع الآخرين وخوفهم مما يجري، فالطفل كان بطلًا لعدد من القصص سواء بحضوره الشخصي أو بحكاياته عن الآخرين، هذا الطفل لديه وعي واضح بما يحدث ولديه دلالات ومؤشرات على أن المستقبل لن يكون فى أحسن حال، ولعل قصة "ثور ضخم بقرن وحيد" تشعرنا فعلا بدرجة من الخطورة بسبب كوننا نعيش على قرن ثور معرضين بصورة دائمة للخطر.
وللمجموعة خيالها الخاص الذي ينطلق من فتح باب التوقعات، فإن يجلس إنسان مع قرد على مقهى فى قصة "حريق القاهرة" ويكافحان معا للخروج من الدخان الكثيف الذي يهدد حياتهما، مع ما يستدعيه عنوان "حريق القاهرة" من دلالات تاريخية وثقافية مهمة فى المجتمع المصري، يجعلنا نتخيل واقعًا غريبًا قائمًا على الخيال من أجل إدانة واقع المدينة.
وتظل قصة "عقل متخم بالأفكار" تحمل فى داخلها فكرة "إنسانية" عامة، خيالها متقد من أول اختيار الفكرة ثم طريقة المعالجة، فصاحب الرأس الكبير الذي تتساقط منه الأفكار فيجمعها فى برطمانات تكثر حتى تمثل حائط صد فى مواجهة المهاجمين، هذه القصة منطلقها خيال يؤدي إلى خيال، ومع ذلك يمكن أن نعيد قراءتها واقعيًّا بما يتم "حشوه" في عقولنا من أفكار فى عالمنا الحديث المثقل بالسوشيال ميديا وما يحيط بها.
ولعل قصة "بين فكي أسد" كاشفة عن التردي الذي وصل إليه الإنسان الذي تحول إلى مادة لتسلية الآخرين، بجعله حلقة في حفلة عبثية لا ضرر أن يموت الإنسان من أجل أن يضحك الآخرون.
مجموعة قطط تعوي وكلاب تموء، تقول لنا إن العالم ليس سهلا وليس كما يبدو فانتبهوا.