بعد الانتهاء من رفع المعاشات بنسبة %10 فقط، انتهى أحد فصول الملف الأصعب فى مصر، والقضية لم تغلق، وتستحق المزيد من النقاش والسعى حتى يمكن إصلاح ما أفسدته عقود من الجمود والإهمال لأصحاب المعاشات.
وهناك زوايا للنظر إلى هذه القضية، أولها أن النسبة غير مناسبة، لكن فتح الملف بهذه الطريقة يجعل قضية المعاشات على رأس الاهتمام العام، وإذا نظرنا إلى نسبة العشرة فى المائة قد تبدو ضئيلة لكن الحكومة بدأت بـ%5 فقط، تم رفعها مرتين، ومع هذا تظل صغيرة فى سياق التشوهات والانخفاض الحاد فى نسبة المعاش مقارنة بالأجر، وهو ما يعالجه تغيير القانون والاشتراكات والتعامل مع الشامل وليس المتغير.
الحكومة بدورها تتعامل باعتبارات الموازنة والعجز فيها، لكن المناقشات تشير إلى استغلال الحكومات السابقة أموال التأمينات بأقل من %5 فائدة، ويفترض أن تفكر الحكومة بشكل أكثر سياسية وهى تطرح تشريع القيمة المضافة، وهو مشروع قانون آخر يثير الجدل ويحتاج إلى توسيع دوائر النقاش حوله، فضلا عن شرح الضرورات الاقتصادية والمشكلات التى تواجهنا وكيفية تحديد آفاق للحل، وتأتى قضية أصحاب المعاشات لتمثل إحدى نقاط التوازن السياسة مع قطاع يعانى الظلم عقودا طويلة، ويمثل إنصاف هؤلاء إحدى خطوات السياسة الاجتماعية المطلوبة.
واللافت للنظر أن قضية المعاشات لا تحظى بدعم التيارات التى تتحدث كثيرا عن العدالة والإصلاح الاجتماعى، بل تبدو قضية بلا شعبية، بالرغم من أنها تخص ما يقرب من ربع السكان، بل ربما النصف بحساب الأسر وليس فقط الأفراد، وبالتالى تخص أغلبية، لكنها لا تشغل مساحات اهتمام تناسبها.
ربما يكون ملف المعاشات وهو أحد أكثر الملفات صعوبة فى الملفات الاجتماعية، لكنه ليس الأصعب، فهناك ملفات الصحة والتعليم. واللافت أن هذه القضايا لا تشغل مساحات واسعة من النقاش العام، ولا تحظى باهتمام رواد مواقع التواصل، والأحزاب السياسية. ربما لأنها لا تحظى بالكثير من الإعجاب، وتبدو قضايا مملة بالرغم من كونها تتعلق بحياة الناس، ويفترض أن تكون ضمن النقاش العام سياسيا واجتماعيا.
ومن الطبيعى أن تكون هناك مساحات للاختلاف حسب موقع كل طرف. مع ضرورة الإشارة إلى الجهد الذى قام ومازال يقوم به اتحاد المعاشات، والنائب السابق البدرى فرغلى، وحتى لو لم تكن نسبة الرفع مناسبة، فقد كانت نتاج عمل لشهور من الاتحاد وتنظيم مظاهرات قانونية، وهو ما لعب دورا فى دعم قضية المعاشات وجعلها على قوائم الاهتمام.