"عين العقل" و"عَندَك حق".. هكذا كان رد فِعلى حينما شاهدت كلمة "الرئيس عبدالفتاح السيسى" فى القمة العربية الـ (32 ) والتى _ قُمت بتغطيتها _ أقيمت بـ"جدة" بالمملكة العربية السعودية، فقد كُنت أتَمعن فى سياق كلمة الرئيس وصياغتها ومضمونها وهدفها ومحتواها، وظللت لوقت طويل أقول: إن هذه الكلمة بمثابة "بوصلة" لكل الدول العربية لكى يمشوا على طريقها حتى يُكتب لهم النجاة من المخاطر التى تحيط بالمنطقة العربية وحتى يتم حماية الأمن القومى العربى وتعود الحقوق العربية، ظللت أقول: إن كلمة "الرئيس السيسى" بمثابة خارطة طريق على جميع الأخوة العرب الاقتداء بها والتمسك بها وتطبيقها لكى ينتصروا على الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة العربية.
كعادته، كان "الرئيس السيسي" يتحدث وهو يعلم أنه يعرف "داء ودواء" المشكلات العربية، ومن الواضح أن "كلمة السيسي" تحمِل فى طياتها قوة الدولة المصرية العريقة، وفراسة وثبات وعزيمة الرئيس الذى يقود الدولة القوية، وصواب الرؤية التى يعرضها، ودِقة الحُجَة التى يتحدث بها، والمنطِق المُقنع الذى يتبناه وخاصة حينما تحدث عن القضية الفلسطينية وقال نصاً (لقد تابعنا بالحزن والألم، تصاعد حدة بعض الأزمات العربية خلال الفترة الماضية، لاسيما ما ينتج عن أعمال التصعيد غير المسئولة من قبل إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية، وآخرها ما شهده قطاع غزة، وبينما تؤكد مصر استمرار جهودها لتثبيت التهدئة، إلا أننا نُحذِر من أن استمرار إدارة الصراع عسكرياً وأمنياً سيؤدى إلى عواقب وخيمة، ولعله من الملائم، أن نُعيد اليوم تأكيد تمسُكنا بالخيار الاستراتيجى بتحقيق السلام الشامل والعادل من خلال مبادرة السلام العربية وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية ومطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية")، هذه أقوى كلمات تُعبِر عن قوة "الدولة المصرية" وتُعَبِر عن قوة "رئيس مصر" الذى لا يدخر جهداً للدفاع عن القضية الفلسطينية فى كل المحافل الدولية على اعتبار أنها "قضية العرب الأولى" وهى القضية العادلة التى تتبناها مصر ولم تتخل عنها أبداً.
لم ينس "الرئيس السيسي" التذكير بالسنوات العِجاف التى مرت على المنطقة العربية، وقال كلمات صارمة وحاسمة ولها دلالاتها وهى: لقد مرت منطقتنا خلال السنوات الأخيرة بظروف استثنائية قاسية هددت _ على نحو غير مسبوق _ أمن وسلامة شعوبنا العربية وأثارت فى نفوس ملايين العرب القلق الشديد على الحاضر ومن المستقبل، ولقد تأكد لكل ذى بصيرة أن الحفاظ على الدولة الوطنية ودعم مؤسساتها "فَرض عين" وضرورة حياة لمستقبل الشعوب ومقدراتها فلا يستقيم أبداً أن تظل آمال شعوبنا رهينة للفوضى والتدخلات الخارجية التى تفاقم من الاضطرابات وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود ).. فى هذه النُقطة أقول: إن الحفاظ على الأوطان ضرورة مُلِحة وهدف سامٍ، فقد وضحت الرؤية أن ما أطلقوا عليه بـ"الربيع العربي" لم يحمل إلا الخراب للدول العربية وأتى بالمتطرفين الذين نشروا الفوضى وهدموا الدِوَل واستولوا عليها وعلى مُقدراتها، والآن يبكون على أطلالها، أما "الشعوب" التى طالتها يد الفوضى فالآن يندمون ويتحسرون على حالهم وعلى ما وصلوا إليه من تردى لأوضاع بلادهم، وللأسف الشديد كُلنا يعلم أن الدولة التى تضيع من الصعب عودتها لسابق عهدها لأن الظروف الحالية أصبحت غير الظروف السابقة والأوضاع الدولية لم تعُد كما كانت فى السابق .
بالنسبة لى، لم تكُن كلمة "الرئيس السيسي" مُجرد طرح لرؤية مصرية خالصة فقط، لكنها كانت (روشتة) لعلاج كل القضايا العربية وأعتبرُها تشخيصا حيا للأوضاع العربية وحل _ لا بد منه _ يجب تبنيه لكى تَنعَم الدول العربية وشعوبها بالأمن والاستقرار، فقد تحدث "الرئيس السيسي" عن عودة سوريا والوضع فى السودان واليمن وليبيا، وطالب بضرورة تُحرُك عربى مُشترك لتسوية تلك القضايا على نحو أكثر إلحاحاً من أى وقت مضى .. هذه هى رؤية استراتيجية صائبة لدولة كبيرة بحجم "مصر" تقول كلمتها على لسان رئيسها الوطنى الذى يقول الحق ولا يخشى فى الله لومة لائم.