فى كوكب السوشيال ميديا العملاق، الكلام "مالهوش أب"، لأنه عالم افتراضى، غير موجود، وغير ملموس، حتى السرقة فيه افتراضية، فهى تختبئ تحت عبارات فضفاضة وهمية مثل "منقول" أو "مسروقة"، فهذه الكلمات ــ رغم اختفاءها ــ كانت ستارا ممتازا لعملية سرقة المنشورات، حتى وان كنت تعلم من صاحب المنشور الأصلى، فهناك العشرات والمئات والآلاف، وربما الملايين، لا يعرفوا المصدر الرئيس لـ "البوست"، ومع ذلك، اختفت مثل تلك الكلمات من عالمنا الافتراضى، وباتت السرقة "عينى عينك"، فإذا رأيت منشورك مسروق، لن تستطيع بسهولة أن تثبت ملكيتك له، ووقتها ستصبح مثل الذى "يدن فى مالطا".
أقف عاجزا عن أفهم سيكولوجية الأشخاص "محترفى" سرقة البوستات والصور والفيديوهات، وأي محتوى يقابلنا على فضاء السوشيال ميديا الافتراضى، فالواقع أمامنا أنها محاولات لتعزيز الحساب وكسب مشاهدات و"لايكات" وتفاعل أكبر، وهو أمر حقيقي ويحدث بالفعل، وأحيانا يأتى ثماره، ولكن بالتأكيد، هذه السرقة، لا تخلق مبدعين أو صناع محتوى حقيقيين، بل تفزر "لصوص محتوى".
يقول المثل الذى أراه مضحكا، "البحر الهادئ لا يصنع قبطانا ماهرا"، وبغض النظر عن صحة المقولة من عدمها، لكنها تنطبق حرفيا على لصوص المحتوى وسارقيه، لأن "لطش" الأفكار و"البوستات" والصور، لا يصنع صانع محتوى ماهرا، لكنه يصنع "انفلونسرز" ماهرين.
من السنوات الطويلة التى استخدمت فيها مواقع التواصل الاجتماعى، وجدت أن هناك 3 أنواعا من لصوص "البوستات"، أما الأول وأكثرهم بجاحة، يسرق البوست ويضعه على صفحته "ولا من شاف ولا من درى"، والثانى يرى أنه من الأدب أن يترك تعليقا لصاحب البوست الأصلى، يكتب فيه "هسرقها"، وهو نوع مضحك أكثر من الأول، لأنه يستأذن قبل السرقة، وبالمناسبة هذا النوع يرى تلك البجاحة التى يمارسها بأريحية نوعا من "خفة الدم".
أما الثالث، فهو الشخص الذى "يستحرم" أن يضغط على زر "الشير"، ويرى أنه من العيب أن يتنازل ويشارك محتوى من شخص آخر، لأنه أكبر من ذلك، فيدارى كبره وكبرياءه بالامتناع عن الضغط على هذا الزر المحرم دوليا من وجهة نظره.
عزيزي السارق، سرقة المحتوى مثلها مثل أى سرقة، عيب وحرام، فضلا عن أن الضغط على زر المشاركة لأى "بوست" أو صورة أو فيديو، لا ينتقص من هيبتك الافتراضية، وكبرياءك الفيسبوكى، لكنها تصنع منك انسانا يحترم أفكار الآخرين ويقدرها، ويعطى كل ذى حق حقه، كما أن "المشاركة"، لن تقلل التفاعل على صفحتك، ولن تمنع عنك رزقا متمثلا فى متابعين جدد أو حفنة من الاعجبابات، فكما يأتى "العيل" برزقه، "الشير" أيضا بيجي برزقه.